وقال أبي بن خلف: والله لأقتلن محمدا،
فبلغ ذلك رسول الله (ص) فقال: بل أنا أقتله إن شاء الله.
فلما بلغ أبيا ذلك أفزعه لأنهم لم يسمعوا
من النبي (ص) قولا إلا كان حقا، فلما كان يوم بدر، وخرج أصحاب عقبة، أبي أن يخرج
فقال له أصحابه: اخرج معنا، فقال: قد وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجا من جبال مكة
أن يضرب عنقي صبرا، فقالوا: لك جمل أحمر لا يدرك فلو كانت الهزيمة طرت عليه.
فخرج معهم، فلما هزم الله المشركين، وحل
به جمله في أخدود من الأرض فأخذه رسول الله (ص) أسيرا في سبعين من قريش وقدم إليه أبو
معيط فقال: أتقتلني بين هؤلاء؟ قال: نعم، فقام إليه علي بن أبي طالب فضرب عنقه.
فلما كان يوم أحد خرج أبي مع المشركين
فجعل يلتمس غفلة رسول الله (ص) ليحمل عليه، فيحول رجل بين النبي (ص) وبينه، فلما رأى ذلك رسول الله (ص) قال لأصحابه: خلوا
عنه.
فأخذ الحربة ورماه بها، فوقعت في ترقوته،
فلم يخرج منه دم كثير واحتقن الدم في جوفه، فجعل يخور كما يخور الثور فاحتمله
أصحابه وهو يخور فقالوا: ما هذا الذي بك! فوالله ما بك إلا خدش، فقال: والله لو لم
يصبني إلا بريقه لقتلني! أليس قد قال: أنا أقتله، والله لو كان الذي بي بأهل ذي
المجاز لقتلهم، فما لبث إلا يوما حتى مات.
وأنزل الله تعالى في أبي معيط:﴿ وَيَوْمَ
يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ
الرَّسُولِ سَبِيلا﴾ (الفرقان:27)([728])
ومنهم أبو جهل عمرو بن هشام، وقد
كناه رسول الله (ص) بذلك وكان يكنى قبل ذلك أبا الحكم ([729]).
قال ابن إسحاق: ولقي أبو جهل بن هشام
رسول الله (ص)، فقال له: والله يا محمد لتتركن سب آلهتنا أو لنسبن إلهك الذي تعبد،
فأنزل الله تعالى:﴿ وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ (الأنعام: 108)
وقد روي أن رسول الله (ص) لقي أبا جهل، فقال:
(إن الله تعالى أمرني أن أقول لك:﴿ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ
فَأَوْلَى ﴾(القيامة: 34 -35)، فنزع ثوبه من يده وقال: ما