تستطيع لي أنت ولا
صاحبك من شيء، ولقد علمت أني أمنع أهل البطحاء، وأنا العزيز الكريم، فقتله الله
تعالى يوم بدر وأذله وعيره بكلمته، وأنزل:﴿ إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43)
طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ
الْحَمِيمِ (46) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا
فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ
الْكَرِيمُ (49)﴾(الدخان)([730])
هذا في حياته..
أما بعد وفاته، فقد روي من ذلك الكثير،
حتى أن المسلمين صاروا يتفاءلون بتصدي الأعداء لمقام رسول الله (ص) لأنهم يعلمون أن
الله سينصره لا محالة.
***
ما وصل عبد القادر من حديثه إلى هذا الموضع حتى ابتدره أحد الحاضرين
قائلا: لقد عرفنا كيف حمى الله نبيه (ص) بصنوف الجنود الذين صدوا عنه كل من تعرض له، أو كل من أراد أن يتعرض
له، ومع تسليمنا لكل ما ذكرته، واعتقادنا بأن اجتماع كل ذلك من الأمور التي تدل
على قصد الحماية.
ولكنا ـ مع ذلك ـ لا نرى كل ما ذكرته كافيا لنشر الدين وحمايته،
فالدين لم يكن محمد وحده، بل كان أمة من الناس.. فكيف امتدت الحماية إليهم جميعا؟
عبد القادر: أنت تسأل عن انتصارات
محمد (ص)
بالثلة القليلة التي معه.
الرجل: يمكنك أن تقول ذلك.
عبد القادر: لذلك حديث آخر.. فتلك
معجزة أخرى، وسأحدثكم عنها غدا ـ إن شاء الله ـ لمن شاء منكم أن يحضر.
الرجل:وكيف لا نشاء.. إن حديثك عن
محمد ينفخ فينا من روح الثبات والعزيمة ما كنا نفتقده.
عبد القادر: فموعدنا غدا إن شاء
الله في هذا المحل.
قال ذلك، ثم انصرف، فلاحظت بولس ينصرف متخفيا متغير الوجه، وكأنه يهم
بشيء، أو يخطط لشيء.
أما أنا، فانصرفت، ومعي بصيص جديد من النور اهتديت به بعد ذلك إلى
[730] ذكره السيوطي في
الدر المنثور (7/418) وهو مرسل..