النبي وفرض جزاءهن وانحدرتا في الحرم فأفرخ
ذلك الزوج كل شئ في الحرم. ([690])
وفي حديث آخر عن ابن عباس أن المشركين
قصوا أثر رسول الله (ص)، فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم، فصعدوا الجبل فمروا بالغار فرأوا
على بابه نسيج العنكبوت، فمكث فيه ثلاثة أيام([691]).
لقد ذكر القرآن الكريم هذا الموقف الشديد
الذي وقفه رسول الله (ص) في الغار، فقال تعالى:﴿ إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ
إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ
إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ
سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ
الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ
عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (التوبة:40)
لقد كان الموقف شديدا، فلم يكن يحول بين
النبي (ص) وذلك الكيد العظيم
المدبر له إلا تلك الخيوط الواهية من نسيج العنكبوت..
ومما يروى في هذا أن المشركين استأجروا
رجلا يقال له علقمة بن كرز بن هلال الخزاعي، فقفا لهم الأثر حتى انتهى إلى غار ثور
وهو بأسفل مكة فقال: ههنا انقطع أثره ولا أدري أخذ يمينا أم شمالا أم صعد الجبل.
فلما انتهوا إلى فم الغار قال أمية بن
خلف: ما أربكم في الغار، إن عليه لعنكبوتا كان قبل ميلاد محمد ([692]).
وقبل هذا الموقف عندما وقف المشركون
يتربصون برسول الله (ص) ليقتلوه، أخفاه الله أعينهم لم يروه، فقد حدث محمد بن كعب عن ذلك،
فقال: قال أبو جهل وهم جلوس: إن محمدًا يزعم أنكم إن تابعتموه كنتم ملوكا، فإذا
متم بعثتم بعد موتكم، وكانت لكم جِنَانٌ خير من جنان الأرْدُن وأنكم إن خالفتموه،
ثم بعثتم بعد موتكم وكانت لكم نار تُعَذَّبون بها.
وخرج عليهم رسول الله (ص) عند ذلك، وفي يده
حفنة من تراب، وقد أخذ الله على أعينهم دونه، فجعل يَذُرّها على رؤوسهم، ويقرأ أول
سورة يس حتى انتهى إلى قوله تعالى:﴿ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً
وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ﴾ (يّـس:9)، وانطلق
رسول الله (ص) لحاجته، وباتوا رُصَدَاء على بابه، حتى خرج عليهم بعد ذلك خارج من
الدار، فقال: ما لكم؟ قالوا: ننتظر محمدًا. قال: قد خرج عليكم، فما بقي منكم من
رجل إلا قد وضع على رأسه ترابا، ثم ذهب لحاجته. فجعل كل رجل منهم ينفض ما