ومنهم غورث بن الحارث، فعن جابر بن عبد الله قال: كنا مع رسول الله (ص) بذات الرقاع، فإذا أتينا على شجرة ظليلة، تركناها لرسول الله (ص) وان رجلا من بني محارب يقال له غورث قال لقومه من غطفان: لأقتلن لكم محمدا، فنزل رسول الله (ص) تحت ظل شجرة، فعلق سيفه، فنمنا نومة، فإذا رسول الله (ص) يدعونا، فجئناه، فإذا عنده أعرابي جالس فقال: (إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صلتا، فقال لي: من يمنعك مني؟ قلت: الله، فسقط السيف من يده، وأخذ رسول الله (ص) السيف وقال: (من يمنعك مني؟) قال: كن خيرا آخذ، فخلى سبيله فأتى أصحابه، فقال: جئتكم من عند خير الناس ([684]).

ومنهم شيبة بن عثمان، فعن عكرمة قال: قال عثمان بن شيبة لما غزا رسول الله (ص) حنينا فذكرت أبي وعمي، وقتل علي وحمزة اياهما، فقلت: اليوم أدرك ثأري من محمد، فجئته من خلفه فدنوت منه حتى لم يبق الا أن أسوره بالسيف إذ دفع لي شواظ من نار بيني وبينه كأنه البرق، فنكصت القهقرى، فالتفت الي النبي (ص) فقال: (يا شيبة، ادن مني)، فوضع يده على صدري، واستخرج الله الشيطان من قلبي، فرفعت إليه بصري، وهو أحب الي من سمعي وبصري([685]).

ومنهم نفر من المنافقين أرادوا الفتك به (ص)، فعن حذيفة في قوله تعالى:﴿ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ﴾ (التوبة: 74) أن رسول الله (ص) رجع قافلا من تبوك الى المدينة، حتى إذا كان ببعض الطريق مكر برسول الله (ص) ناس من أصحابه، فتآمروا عليه أن يطرحوه في عقبة في الطريق، فلما هموا وبلغوا العقبة أرادوا أن يسلكوها معه، فلما غشيهم رسول الله (ص) أخبر خبرهم، قال: (من شاء منكم أن يأخذ ببطن الوادي فإنه أوسع لكم)، وأخذ رسول الله (ص) العقبة، وأخذ الناس ببطن الوادي إلا النفر الذين مكروا برسول الله (ص) لما سمعوا ذلك استعدوا وتلثموا وقد هموا بأمر عظيم.

وأمر رسول الله (ص) حذيفة بن اليمان، وعمار بن ياسر، فمشيا معه مشيا، وأمر عمارا أن يأخذ بزمام الناقة، وأمر حذيفة أن يسوقها، فبينما هم يسيرون إذ سمعوا بالقوم من ورائهم، قد غشوهم، فغضب رسول الله (ص) وأمر حذيفة أن يردهم، وأبصر حذيفة

[683] رواه البيهقي، وقال: روي في غزوة ذات الرقاع قصة أخرى، مثل هذه، فان كان الواقدي قد حفظ ما ذكر في هذه الغزوة فكانت قصتان.

[684] رواه البخاري ومسلم وابن اسحاق وابو نعيم والحاكم والبيهقي.

[685] رواه البيهقي وأبو نعيم.