إن حياتنا جميعا خواق يعجز العقل عن
تفسيرها.. فكيف ينكر العقل الذي يعجز عن تفسير كل شيء ما لا يستطيع فهمه أو
إدراكه؟
نظرت إلى الساعة، فوجدتنا قد قطعنا شوطا
طويلا من الليل، فأخذت السراج، وأردت أن أنصرف، فقال: اجلس..
قلت: لقد خشيت أن أكون قد
آذيتك.. وإلا فإن الحديث معك لا يمل.
قال: اجلس لأحدثك عن رحلتي
التي هداني الله بها إلى شمس محمد (ص).. فلا حال أنسب للحديث عن هذه الأشعة من
هذا الحال، ولا وقت أنسب لها من هذا الوقت.
قلت: أعجبا .. أكنت تائها
عنه؟
قال: لقد أمضيت كل عمري
تائها عنه .. ولولا أن هداني الله إليه لكنت الآن من الجافين عنه المحاربين له.
قلت: من أي البلاد أنت؟
قال: لا تهمك بلدي.. ولا
يهمك اسمي .. يكفي أن تعرف قصتي.. وأن تسجلها بقلمك.. فلم أزرك إلا لأجل ذلك.
قلت: أكنت تقصدني إذن
عندما خرجت من المسجد، وطلبت المأوى؟
قال: أجل.. كنت أقصدك.. بل
كنت أقصد قلمك.. فهاته لتسجل ما أحكيه لك.
***
تحت أشعة تلك السرج الجميلة بدأ الشيخ
يحدثني عن رحلته إلى الإسلام.
قال: في ذلك اليوم جاءتني
رسالة من الفاتيكان تأمرني بالذهاب إلى الهند، وإلى مدينة من مدنها الفقيرة، وقد عرفت
سر اختيار تلك المدينة.
فقد كان رجال الفاتيكان يعرفون توجهي
العقلي.. ويعرف مثله بغضي للتخلف.. ويعرفون فوق ذلك ما أبديه من تعاطف نحو الإسلام
والمسلمين، فأرادوا من خلال تلك الرحلة أن أتعرض لما يفاجئني.. فأرى الخرافة التي
تصادم توجهي العقلي، وأرى الفقر الذي يصادم بغضي للتخلف.
ولكن الله شاء أن أتعرض في تلك المدينة
الفقيرة.. والجميلة بفقرها.. إلى أشعة لم أكن لأظفر بها لولا أن قيض الله لي تلك
الرحلة..
لقد كانت تلك الرحلة بداية للبحث العقلي
والعلمي عن الإسلام وعن رسوله a..