قلت: لو فعل ذلك لخرج عن
المنهج العلمي.. ولدخل في زمرة أهل الخرافة الذين يستخدمون كل ما توحيه لهم أنفسهم
من أهواء.
قال: فهذا ينطبق على من
ينكر هذه الخارقة، أو يعتبرها خارج سنن الله.
قلت: كيف ذلك؟
قال: لأن إبراهيم كان في ذلك الحين في
حالة نفسية معينة، حولت من النار الحارقة بردا وسلاما.. فلو أن أحدا مر بنفس ظرف
إبراهيم ، وبنفس حاله الإيمانية، فإن النار ستبرد له، وستصير سلاما كما صارت
على إبراهيم.
قلت: لا يمكن لأحد أن يكون
كإبراهيم.
قال: إذن لا يمكن الحكم
على شيء لا يمكن التجريب عليه، وإلا كان ذلك الحكم محض خرافة.
قلت: إن ما ذكرته يحتاج
إلى تأمل لاستيعابه.. دعنا منه، وأخبرني عن السنة التي جعلت غرفتك تضاء بالسرج دون
غرفتي.. ودون غرف كل أولئك الخلق الذين نراهم.
قال: لا طاقة لي بالتعرف
على السنن التي تضبط هذا، ولكني سأذكر لك حديثا قد يبين لك بعض القوانين التي يمكن
أن تستنتجها لهذا.
لقد ورد في الحديث أن رسول الله (ص) قال: (والذي نفسي
بيده لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي
طرقكم) ([1])
قلت: أفي هذا الحديث
قوانين تشير إلى هذا؟
قال: أجل.. لقد ذكر رسول
الله (ص) شيئا خارقا في
تصوراتنا الهزيلة، وهو مصافحة الملائكة لنا، وذكر لها سببين، عبر عنهما رسول الله (ص) بقوله: (لو تدومون
على ما تكونون عندي، وفي الذكر)
فأولهما الديمومة على استذكار المعاني
الإيمانية التي كان يذكر بها رسول الله (ص)، والثاني هو الديمومة على الذكر.
قال ذلك، ثم رمى ببصره إلى السماء، وسبح
في آفاقها البعيدة، وقال: ألا يرمي هؤلاء المساكين الذين ينكرون هذا بأبصارهم إلى
السماء ليروا هذا الكون العريض؟