قال: إن فضل الله العظيم
يشمل الكل.. وما أنا إلا فرد بسيط حقير فقير.. وقد علم الله فقري إليه، فأنالني
بعض ما أنالهم، وذلك لا يعني أني مثلهم، بل ولا قريبا منهم.
ثم أخذ نفسا عميقا، وقال: أنا الآن مشغول
ببناء حياتي الجديدة مع الله.. أنا لست سوى مريد صغيرة يجلس أمام أشعة تلك الشمس
الجميلة المشرقة ليشم عطر أنوارها..
قلت: ولكن أحاديث الكرامات
صارت موضوعة في هذا الزمان.. فأنا بين قوم لا يصدقون إلا بالأسباب، وعالم
الأسباب.. ولو أصبحت أحدثهم بما رأيت لاتهموني بالكذب، بل بالدجل.. بل يملأون
الأرض ضجيجا على خفة عقلي، وأحسنهم حالا، وأقربهم إلي مودة من يذهب يلتمس لهذا
الأمر أسبابه وقوانينه التي لا تخرج به عن قوانين الكون التي نعيشها.
ابتسم، وقال: الله رب القوانين والأسباب
والكون.. فلا ينبغي أن تخضعوا الله للقوانين التي خلقها.
نظر إلى السراج الذي كنت أحمله، ثم قال:
ما هذا؟
قلت: سراج.. لقد أتيت به
إليك، لما انقطعت الكهرباء.
قال: فحدث قومك عن سراجك
هذا، لتقنعهم بسرج ربك.. استعمل القياس لإقناعهم بذلك.
قلت: كيف ذلك؟
قال: لم تكن عادتك أن تحمل
سراجا في هذا الوقت من الليل لتحمله إلى هذا الموضع من بيتك.
قلت: أجل.. ذلك صحيح.. لعل
هذه أول مرة أفعل هذا.. فقد كان هذا البيت معدا للضيوف.. ولم يكن من عادة الكهرباء
أن تنقطع في حضورهم.
قال: فما فعلته إذن خرق
للعادة..
قلت: كيف ذلك؟
قال: البشر يتعرفون على
القوانين من خلال التجربة والاستقراء.. إنهم يرون للأشياء صورا معينة في ظل ظروف
معينة، فيستنتجون القوانين من خلال ذلك.
قلت: ذلك صحيح.. كل
القوانين تبدأ هكذا، ثم تعمم أحكامها.