قلت: لابد للقوانين أن
تعمم.. وإلا ذهب العلم.. ولاحتجنا في كل لحظة إلى تجارب جديدة.
قال: يمكنكم أن تعمموا،
ولكن مع ذلك لا ينبغي أن يمنعكم التعميم من اعتقاد احتمال خرق التعميم.
قلت: لم أفهم.. عد بنا إلى
السراج، وتطبيقه على هذا.. لعلي أفهم مرادك.
قال: فلنفترض أن هناك رجلا
تتبع حياتك في هذا الوقت من الليل.. فرآك في كل السنوات التي مرت بها حياتك، وفي
هذا الوقت بالذات من الليل لا تفعل ما فعلته الليلة، فراح يستنتج قانونا يذكر فيه
هذا.. بناء على استقراء كل المدة التي مضت من حياتك.. هل ترى ذلك ممكنا؟
قلت: أجل.. فكل العلماء
الذين يستنتجون القوانين يفعلون هذا.. إنهم ينطلقون من استقراء حالات معينة في
فترة معينة، ثم يحكمون من خلال ذلك، ثم يعممون الحكم.
قال: فما فعلته أنت اليوم
إذن بهذه المقاييس خرق للعادة!؟
قلت: يمكنك أن تقول ذلك..
بل نحن في عرفنا نصف الكثير من تصرفاتنا بأنها خارقة للعادة، أو أنها مستحيلة.
قال: فكيف أجزتم لأنفسكم ـ
وأنتم الممتلئون ضعفا ـ أن تنخرق لكم العوائد، ولم تجيزوا لربكم أن يخرق العوائد
لمن شاء، وكيف شاء!؟
قلت: وعيت هذا.. ولكني
أعلم أن لله سننا في الكون.. وأنه لا تبديل لسنن الله، فكيف ينسجم هذا مع ما أراه؟
قال: هذا من سنن الله..
قلت: هذا خرق للعوائد..
فكيف تذكر أنه من سنن الله؟
قال: أليست السنن هي
القوانين التي تحكم الأشياء؟
قلت: أجل.. فالله نظم
الكون بنظام دقيق محسوب لا ينخرق.
قال: سأضرب لك مثالا يوضح
لك هذا.. لقد من الله تعالى على إبراهيم بأن جعل النار بردا وسلاما
عليه، فقال تعالى:﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى
إِبْرَاهِيمَ﴾ (الانبياء:69)
قلت: هذا خرق للعادة.. وقد
تحقق لإبراهيم u، لأنه نبي الله.. ولكن مع ذلك فإن