لما قالوا ذلك، رد عليهم
القرآن.. وهم الفصحاء البلغاء.. الشعراء الخطباء.. طالبا منهم أن يواجهوا تحديه،
لقد قال لهم بصراحة لا تعلوها أي صراحة:{ أَمْ يَقُولُونَ
تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا
صَادِقِينَ}(الطور:33 ـ 34)
بل نزل.. فاكتفى بأن
يحدد لهم عشر سور مثله مفتريات فيما كانوا يزعمون:{ أَمْ يَقُولُونَ
افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ
اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}(هود:13)
ثم زاد، فنزل.. واكتفى
بأن يطلب منهم أن يأتوا بسورة من مثله.. بأي سورة، ولو سورة قصيرة، لقد قال لهم:{ أَمْ يَقُولُونَ
افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ
دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}(يونس:38)
فلم يجرؤوا أن يفعلوا..
لقد بقي يطالبهم أكثر من عشرين سنة بذلك، مظهراً لهم النكير، زارياً على أديانهم،
مسفهاً آراءهم وأحلامهم.. ومع كل ذلك لم يجرؤوا على الاقتراب منه..
نعم لقد نابذوه وناصبوه
الحرب التي هلكت فيه النفوس، وأريقت المهج، وقطعت الأرحام، وذهبت الأموال.. أترى
أنهم لو كانوا قادرين على مواجهته بكلام مثل كلامه كانوا يقصرون!؟
لقد كان القرآن يقول لهم
متحديا:{ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا }(البقرة: 24)، انظر.. إنه تحد
ليس فوقه تحد.. بل هو يضيف فيطلب منهم أن يجتمعوا بإنسهم وجنهم على مواجهته،
فيقول:{ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا
بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ
لِبَعْضٍ ظَهِيراً}(الاسراء:88)