قال: بإمكانك أن تقارن
القرآن بأي كتاب في الدنيا، فستجد فيه من عذوبة التعبير وجماله ما يقصر دونه كل
كلام.
قلت: وما أدراك أنت
باللغة وشؤون البلاغة فيها.. لو كنت شاعرا قبلت قولك، ولو كنت خطيبا ربما وثقت
بحكمك.. لكنك لست سوى سائق؟
قال: أجل.. أنا لست سوى
سائق.. ولكني مع ذلك أتذوق الكلام، كما أتذوق الطعام.. إن للكلام الطيب حلاوة لا
تحوجنا إلى مختصين ينوبون عنا في تذوقها.
ومع ذلك.. فقد عرفت أن
القرآن تحدى أهل عصره بمن فيهم من البلغاء والفصحاء، فلم يملكوا إلا أن يقروا بما
لم تقبله مني.
لقد استقل العرب في
البدء من شأن القرآن، فراحو يقولون:{ لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا
مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}(لأنفال: 31)، وقالوا:{ إنَّمَا يُعَلِّمُهُ
بَشَرٌ } (النحل: 103)) وقالوا:{ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ
شَيْءٍ}(الأنعام: 91)
لكنهم سرعان ما تراجعوا
عن هذه الأحكام المستعجلة التي أفرزها كبرهم لا عقولهم.. لقد كانوا في ذلك أشبه
بطفل صغير يريد أن يواجه مصارعا خطيرا.. فلا يملك بعد حين من المواجهة إلا