التوراة تذكر هذا.. والقرآن يذكره ([4]).. ولكن اسمع لقرآن المسلمين، فهو يصور هذا التغيير
تصويرا جميلا..
فتح المصحف، وأخذ يقرأ بتدبر وخشوع:{ وَمَا أَعْجَلَكَ عَن
قَوْمِكَ يَا مُوسَى}(طه: 83) الله يخاطب موسى في جبل الطور عند المناجاة.
ويذكر الله ما أجاب به
موسى، فيقول:{ قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى } (طه:84)..
فيجيبه الله:{ قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ
السَّامِرِيُّ } (طه: 85).. وحينذاك يرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا على سرعة
تغيرهم.. اسمع:{ فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ
يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ
الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ
فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي }(طه: 86)
لكن كبرياءهم وصلافتهم
جعلتهم لا يبالون بغضب موسى، ولا بما يقولون، بل يردون عليه قائلين:{ مَا أَخْلَفْنَا
مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ
فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً
جَسَداً لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ }(طه:
87 ـ 88)
هؤلاء هم بنو إسرائيل..
فهل تتصور أنهم سيحفظون ما أؤتمنوا عليه من كتاب؟
قلت: إن ألم موسى يبدو
جليا في وصيته.. وكأنه يحاول أن يجد حيلة يحفظ بها كتابه من التغيير.. إنه يأمر
بحفظه في تابوت العهد.. ثم يأمر بقراءته على بني إسرائيل، لعل فيهم من يحفظه،
ويورث حفظه.. ولكنه في نفس الوقت يعلم أنه سيأتي اليوم الذي يغيرون فيه كتابهم..
بل يرى أن ذلك اليوم قريب جدا.. لقد قال لهم:( لأني عارف أنكم بعد موتي تفسدون
وتزيغون عن الطريق الذي أوصيتكم
[4] ولكن
الفرق بينهما عظيم فالتوراة تجعل هارون هو الذي قام بدور السامري كما في سفر
الخروج (32/1-7)