قال: في شارع
من شوارع (الله أباد) رأيت قوما من الناس يلتفون حول رجلين([25])..
أما أحدهما،
فيلبس ما يلبسه علماء الأزهر من ثياب.. وقد كانوا يطلقون عليه لقب (الباقلاني)([26]).. ويظهر من
خلال حديثه أن له براعة وخبرة طويلة في المناظرة.
[25] تعمدنا في هذا المبحث أن نذكر في كل مناظرة حقيقية أو افتراضية
رجلين: أما أحدهما فيكون من المتكلمين وقد حاولنا أن نختار متكلمين من مدارس
مختلفة لنبين أنهم جميعا ـ مهما اختلفت مدارسهم ـ لا يقصدون إلا خدمة الحقيقة.
وأما
الثاني، فهو من الملاحدة، باختلاف مدارسهم كذلك.. وذلك لأن من مقاصد هذه الرسالة
التأريخ للإلحاد والتعريف بالملحدين وشبههم.. وننبه هنا كما نبهنا مرات كثيرة إلى
أن أكثر ما نذكره من مناظرات هي مناظرات افتراضية، وذلك حتى لا يرمينا أحد من
الناس بالكذب والدجل.
[26] نشير به إلى القاضي أبي بكر الباقلاّني(338-403هـ)، وهو محمّد بن
الطيّب بن محمّد بن جعفر، قاضٍ من كبار علماء الكلام، انتهت إليه الرياسة في مذهب
الأشاعرة، ولد في البصرة، وسكن بغداد فتوفيّ فيها. وقد قيل: إنه صنف سبعين ألف
ورقة في الدفاع عن الدين.. كل ليلة خمسة وثلاثين ورقة.. بيد أن أشهر كتبه على
الإطلاق هو كتابه (إعجاز القرآن) الذي حدّد فيه مفهومه للإعجاز القرآني. (انظر:
الأعلام وغيره)