هذه الرواية تحاول أن تنشر في قلب المؤمن وغير المؤمن أهمية معرفة الله
وضرورتها، وأن الحياة لا تستقيم من دونها، وأن القلب لا يدرك ضالته من دونها.
وهي تتوسل لذلك بكل أنواع الحجج العقلية والعاطفية وغيرها..
وتدور أحداثها حول رجل دين مسيحي يزور المؤلف، ثم يحكي له قصة اهتدائه لله،
والتي بدأت من خلال تكليفه من طرف الكنيسة بالذهاب صحبة هيئة علمية أرسلها الفاتيكان
لحضور مؤتمر علمي حول الله في الأديان المختلفة.. وقبل الوصول إلى المؤتمر نزلت الطائرة
التي تقلهم اضطراريا في مكان مجهول، وحين ييأسس الركاب من أن ينقذهم أحد يقفون
مواقف مختلفة.. أما الملاحدة واللادينين، فمنهم من ينتحر، ومنهم من يصاب بالجنون..
وأما غيرهم، فيتضرعون إلى الله.. كل حسب دينه الذي يعتقده.. لكن شخصا منهم خاطبهم بقوله:
(نحن من بلاد مختلفة.. منا من يؤمن بالله.. ومنا من لا يؤمن به.. ونحن نختلف فيما بيننا
اختلافا شديدا في معارفنا المرتبطة بالله.. ولا يمكن لدعواتنا أن ترتفع للآلهة المزيفة..
فلذلك لا مناص لنا من البحث عن الإله الحقيقي حتى نرفع أكفنا بالضراعة إليه)
وهنا يبدأ كل باحث من الهيئة العلمية يدلي بشهادته الصادقة عن معارفه التي
وصل إليها من خلال زيارته لبلاد المسلمين..
وفي الأخير.. وبعد اهتدائهم لله.. ودعائهم له، قيض الله لهم من ينقذهم..
[3] لا يخفى ما في هذا التعبير من المعاني.. فالمراد بـ (الله) هنا هو
معرفة الله والاتصال به لا ذات الله..
[4] أشير به إلى إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم باشا أدهم:
عرفه صاحب الأعلام بأنه عارف بالرياضيات، وله اشتغال بالتاريخ، ولد بالإسكندرية
وتعلم بها، ثم أحرز الدكتوراه في العلوم من جامعة موسكو عام 1931، وعين مدرساً
للرياضيات في جامعة سان بطرنسبرج، ثم انتقل إلى تركيا فكان مدرساً للرياضيات في
معهد أتاتورك بأنقرة ، وعاد إلى مصر سنة 1936 فنشر كتاباً وضعه في (الإلحاد) وكتب
في مجلاتها، أغرق نفسه بالإسكندرية منتحراً.
وقد
وجدت الشرطة في مساء الثالث والعشرين من شهر يوليو عام 1940م جثته طافية على مياه
البحر المتوسط، وقد عثرت في معطفه على كتاب منه إلى رئيس النيابة يخبره بأنه انتحر
لزهده في الحياة وكراهيته لها، وأنه يوصي بعدم دفن جثته في مقبرة المسلمين ويطلب
إحراقها.
قال
في رسالته التي سماها (لماذا أنا ملحد؟) متحدثا عن نفسه: (أسست جماعة لنشر الإلحاد
بتركيا، وكانت لنا مطبوعات صغيرة أذكر منها: ماهية الدين، وقصة تطور الدين ونشأته… وبعد هذا فكرنا في الاتصال بجمعية نشر
الإلحاد الأمريكية، وكانت نتيجة ذلك تحويل اسم جماعتنا إلى المجمع الشرقي لنشر
الإلحاد)
وقد
رد على رسالته هذه: الدكتور أحمد زكي أبو شادي برسالة عنوانها: (لماذا أنا مؤمن؟)،
ورد عليها محمد فريد وجدي بمقالة عنوانها (لماذا هو ملحد؟)
وقد
كان له من العمر عند انتحاره تسعة وعشرون سنة؛ فكانت نهايته نهاية مأساوية لشاب
موهوب، قال عنه الأستاذ أحمد حسن الزيات: (كان شديد الذكاء.. واسع الثقافة)، وقال
عنه الأستاذ محمد عبد الغني حسن بأنه صاحب (ذهن متوقد لامع)، كان الأول على دفعته
في البكالوريا، ثم حاز الدكتوراه وألّف مؤلفات كثيرة، ودرّس، وكان يحسن التحدث بست
لغات، كل هذا وهو في هذا العمر.. (انظر: الأعلام للزركلي (1/310 بتصرف). وله ترجمة
في الأعلام الشرقية لزكي مجاهد (ص 858-860)، وفي تراجم عربية، لمحمد عبد الغني حسن)
[5] أشير به إلى (أوجست كونت) ( 1798-1857) عالم اجتماع وفيلسوف
اجتماعي فرنسي ، أعطى لعلم الاجتماع الاسم الذي يعرف به الآن ، أكد ضرورة بناء
النظريات العلمية المبنية على الملاحظة.
أسس
المذهب الوضعي القائل ان لا سبيل إلى المعرفة إلا بالملاحظة و الخبرة، وهو يرى أن
تاريخ البشرية ينقسم إلى ثلاث مراحل من التقدم الشامل: المرحلة الدينية ؛ والمرحلة
الميتافزيقية، ثم المرحلة العلمية.
وقد قدم مقترحات على جانب كبير من التعقيد لإقامة دولة وضعية تقوم على صفوة من
علماء الاجتماع لإدارة المجتمع وتوجيهه.. من أهم أعماله كتاب (الفلسفة الوضعية)
الذي ظهر لأول مرة في ستة أجزاء (1830- 1842)
وننبه
إلى أن كل ما ذكرنا في الرواية عن سميه كان قد حصل له مع بعض التصرف الذي اقتضاه
المقام.
[6] أشير به إلى (فان جوخ، فينسنت) (1853 - 1890م).. وهو واحد من أكثر
الرسامين شهرة في فن التصوير التشكيلي.. وقد انتحرعام 1890م.
[7] نشير به إلى (آرثر شوبنهاور) (1788-1860م)، وهو فيلسوف ألماني،
ولد في دانزيج (غدانسك ببولندا).. أهم أعماله: العالم رغبة وعَرَض (عام 1819م،
الطبعة الثانية عام 1844م). إضافة إلى مجموعة مقالات بعنوان باريرجا وباراليبومينا
عام (1851م) جلبت له شهرة عالمية حتى نهاية حياته.
وقد
اخترناه هنا بسبب كون آرائه من الدعائم التي اعتمد عليها الإلحاد في العصر الحديث،
فقد كان فكره يدور حول (أن الدين هو من صنيعة البشر ابتكروها لتفسير ما هو مجهول
لديهم من ظواهر طبيعية أو نفسية أو اجتماعية، وكان الغرض منه تنظيم حياة مجموعة من
الناس حسب ما يراه مؤسس الدين مناسبا وليس حسب الحاجات الحقيقية للناس الذين عن
جهل قرروا بالالتزام بمجموعة من القيم البالية وأنه من المستحيل أن تكون كل هذه
الديانات من مصدر واحد فالاله الشديد البطش الذي أنزل 12 مصيبة على المصريين
القدماء وقتل كل مولود أول ليخرج اليهود من أرض مصر هو ليس نفس الإله الذي ينصحك
بأن تعطي خدك الآخر ليتعرض للصفع دون أن تعمل شيئا)
وقد
تزامنت هذه الأفكار مع أبحاث تشارلز داروين الذي كان مناقضا تماما لنظرية نشوء
الكون في الكتاب المقدس وأعلن فريدريك نيتشه من جانبه موت الخالق الأعظم وقال: إن
الدين فكرة عبثية وجريمة ضد الحياة إذ أنه من غير المعقول أن يعطيك الخالق مجموعة
من الغرائز والتطلعات وفي نفس الوقت يصدر تعاليم بحرمانك منها في الحياة ليعطيك
إياها مرة اخرى بعد الموت.
[8] بعض الحكاية المذكورة هنا منقولة بتصرف من كتاب (رحلتي من الشك إلى الإيمان...) لمصطفى
محمود، وهو كتاب يؤرخ فيه المؤلف للطريق الذي سلكه للإيمان.
[9] نشير بهذا النور إلى ما وضعه الله في فطرة الإنسان من المطالبة كل
الحين بالبحث عن الله واللجوء إليه، وهو ما يشير إليه قوله تعالى:﴿ وَإِذْ أَخَذَ
رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى
أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ
الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ (لأعراف:172)
وقد
ورد في الحديث ما يدل على هذا، فقد سئل النبي (ص) عن قوله تعالى:﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ
صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ ﴾ (الأنعام: من الآية125) قالوا: كيف يشرح صدره يا رسول الله؟
قال: (نور يُقْذَف فيه، فينشرح له وينفسح)، قالوا: فهل لذلك من أمارة يُعرف بها؟
قال: (الإنابة إلى دار الخُلُود، والتَّجَافِي عن دار الغرور، والاستعداد للموت
قبل لقاء الموت) (تفسير عبد الرزاق (1/210) ورواه الطبري في تفسيره (12/99) من
طريق عبد الرزاق به)
وقد
أشار الغزالي إلى تأثير هذا النور في إخراجه من حالة الشك التي عرضت له، فقال في
(المنقذ من الضلال): ( لما خطر لي هذه الخواطر، وانقدحت في النفس حاولت لذلك
علاجاً فلم يتيسر، إذ لم يكن دفعه إلا بالدليل، ولم يمكن نصب دليل إلا من تركيب
العلوم الأولية. فإذا لم تكن مسلمة لم يمكن تركيب الدليل. فأعضل الداء، ودام
قريباً من شهرين، أنا فيهما على مذهب السفسطة بحكم الحال، لا بحكم النطق والمقال،
حتى شفى الله تعالى من ذلك المرض، وعادت النفس إلى الصحة والاعتدال، ورجعت
الضروريات العقلية مقبولة موثوقاً بها على أمن ويقين، ولم يكن ذلك بنظم دليل
وترتيب كلام، بل بنور قذفه الله تعالى في الصدر، وذلك النور هو مفتاح أكثر
المعارف، فمن ظن أن الكشف موقوف على الأدلة المحررة فقد ضيق رحمة الله تعالى
الواسعة)
[10] استفدنا الكثير من المعلومات حول التطور العلمي هنا من كتاب (العلم
فى منظوره الجديد)، وهو كتاب من سلسلة (عالم المعرفة) التى كان يصدرها المجلس
الوطنى للثقافة بالكويت، وعنوان الكتاب الأصلي هو ( ) من تأليف .
(ص) و . (ص).
وقد
قام بترجمة الكتاب الأستاذ (كمال خلايلى) الذى عرف الهدف من الكتاب بقوله في (ص7):
(صنف هذا الكتاب اثنان من الأساتذة المعروفين فى أمريكا الشمالية أحدهما متخصص فى
فلسفة العلوم والآخر فى الفيزياء النظرية، والهدف الذى يرمى إليه المؤلفان هو هدم
أركان المادية العلمية، تلك النظرية الكونية التى استهلها فرانسيس بيكون وجاليلو
فى مطلع القرن السابع عشر، واستمرت إلى العقود الأولى من القرن العشرين، ثم إثبات
وجود الله تعالى، وبيان الحكمة والغاية من إبداع الكون وخلق الإنسان، وذلك
بالاستناد إلى النتائج التى انتهى إليها أقطاب العلماء والباحثين المعاصرين فى
مجالات الفيزياء والكوزمولوجيا ومبحث الأعصاب وجراحة الدماغ وعلم النفس الإنسانى.
[11] هو السِّير إسحق نيوتُن، (1642-1727م). عالم رياضيات ووفلكي
إنجليزي، اكتشف كيفية تماسك مكونات الكون بعضها ببعض من خلال نظريته عن الجاذبية،
كما اكتشف أسرار الضوء والألوان، وابتكر فرعًا من الرياضيات يسمى حساب التفاضل
والتكامل.
[12] نحب أن ننبه هنا إلى أن نيوتن لم يكن ملحدا، بل حاول أن يحتفظ
بمكان للألوهية في نظامه الميكانيكي الخاص بالسماوات، ففي رسالة وجهها إلى الدكتور
ريتشارد بنتلي في عام 1692 أكد له فيها على أن الله ضروري لإحداث حركة الكواكب
وإرساء البنية الأصلية للمجموعة الشمسية قائلاً: (إن حركات الكواكب الراهنة لا
يمكن أن تكون قد انبثقت من أي علة طبيعية فحسب، بل كانت مفروضة بفعل قوة عاقلة)
[13] ميكانيكا الكم: هي ميدانٌ من ميادين علم الفيزياء، يصف تركيب
الذرّة وحركة الجسيمات الذرية، ويوضح كيف تمتص الذرات الطاقة في شكل ضوء، وكيف
تطلقها، ويوضح طبيعة الضوء.. وهي تتجاوز الحدود القصوى للفيزياء التقليدية، التي
تقوم على أساس القوانين التي صاغها نيوتن.. وهي تُعد من المُنجَزَات العلمية
الكبرى التي تحققت في القرن العشرين.. وبالإضافة إلى أهميتها النظرية، فقد ساهمت
في تطوير أجهزة عملية مثل أجهزة الليزر والترانزستور، كما مكنت العلماء من تحقيق
فهم أفضل للروابط والتفاعلات الكيميائية.
[14] هو مَاكْس بُورن (1882 ـ 1970م) فيزيائي ألماني أدى دوراً كبيراً
في تطوير ميكانيكا الكم.. في عام 1954م نال جائزة نوبل للفيزياء مناصفة مع فالتربوتا
تقديرًا لأعماله.. ساهم بورن أيضاً في مجالات علم البلورات والبصريات. وحصل على
شهادة دكتوراه من جامعة جتجين عام 1907م. وُلد في برسلو، بألمانيا (حالياً روكلاو
في بولندا)
[16] هو تُومَاس هِنرِي هَكْسِلِي (1825 - 1895م). عالم حيوان ومحاضر
ومؤلف.. وكان من الذين مالوا إلى نظرية تشارلز داروين التحليلية الخاصة بالتطور
العضوي، كما أنه توسّع في هذه النظرية ودافع عنها.
[17] هو بنفيلد، وايلدر جريفز (1891-1976م). اختصاصي أعصاب
كندي.
[18] كوبرنيكوس، نيكولاس (1473 - 1543م) عالم فلك بولندي، طور نظرية
دوران الأرض، ويعتبر مؤسس علم الفلك الحديث.. ونحب أن ننبه هنا إلى أن ديفيد كينج
اكتشف عام 1970م أن كثيرًا من النظريات المنسوبة لنيكولاس كوبرنيكوس هي للفلكي
العربي ابن الشاطر (ت 777هـ، 1375م)، وبعد ذلك بثلاث سنوات (1973م) عثر على
مخطوطات عربية في بولندا اتضح منها أن كوبرنيكوس قد اطلع عليها. (انظر: الموسوعة
العربية العالمية)
[19] مما يشير إلى هذا ما ورد في الأثر الإلهي: (لولاك لما خلقت
الأفلاك)، وهو وإن جزم العلماء بوضعه إلا أن الشيخ القاري قال فيه: ( لكن معناه
صحيح فقد روى الديلمي عن ابن عباس مرفوعاً: أتاني جبريل فقال: يا محمد لولاك ما
خلقت الدنيا ، ولولاك ما خلقت النار)، وفي رواية ابن عساكر: ( لولاك ما خلقت
الدنيا)
ووجه
الإشارة في هذا أن رسول الله (ص) هو المثل
الأعلى للإنسان.. وبالتالي تكون غاية الكون هي الإنسان.. وغاية الإنسان هو المثل
الأعلى فيه.. والمثل الأعلى فيه هو رسول الله (ص) كما قال (ص): ( أنا سيد
ولد آدم ولا فخر)
[20] هذا الرفض ـ كما هو معلوم ـ يستند إلى أسباب منهجية، لأن بيكون
وديكارت لم يكونا من المؤمنين بالمذهب المادي أو من الملاحدة.
[21] بيير سيمون لابلاس (1749 - 1827م). فلكي ورياضي فرنسي اشتهر
بنظريته حول أصل النظام الشمسي.
[22] وهذا لا ينفي تشبثه بيهوديته كما ذكرنا ذلك في مواضع مختلفة من هذه
السلسلة.. فاليهودية تتقبل مثل هذا النوع من الأفكار.
[23] الله أباد، اسم فارسي يعني (مدينة
الله)، وأقصد بها مدينة رمزية، وهي في الواقع إحدى مدن ولاية أوتار براديش التي
تقع في شمال الهند، وهي المركز الإداري لمقاطعة الله أباد.
[24] لم نذكر مثل هذه التعابير في هذا المحل إلا للضرورة التي استدعته،
وإلا فلا يجوز الحديث عن الله بمثل هذا..
[25] تعمدنا في هذا المبحث أن نذكر في كل مناظرة حقيقية أو افتراضية
رجلين: أما أحدهما فيكون من المتكلمين وقد حاولنا أن نختار متكلمين من مدارس
مختلفة لنبين أنهم جميعا ـ مهما اختلفت مدارسهم ـ لا يقصدون إلا خدمة الحقيقة.
وأما
الثاني، فهو من الملاحدة، باختلاف مدارسهم كذلك.. وذلك لأن من مقاصد هذه الرسالة
التأريخ للإلحاد والتعريف بالملحدين وشبههم.. وننبه هنا كما نبهنا مرات كثيرة إلى
أن أكثر ما نذكره من مناظرات هي مناظرات افتراضية، وذلك حتى لا يرمينا أحد من
الناس بالكذب والدجل.
[26] نشير به إلى القاضي أبي بكر الباقلاّني(338-403هـ)، وهو محمّد بن
الطيّب بن محمّد بن جعفر، قاضٍ من كبار علماء الكلام، انتهت إليه الرياسة في مذهب
الأشاعرة، ولد في البصرة، وسكن بغداد فتوفيّ فيها. وقد قيل: إنه صنف سبعين ألف
ورقة في الدفاع عن الدين.. كل ليلة خمسة وثلاثين ورقة.. بيد أن أشهر كتبه على
الإطلاق هو كتابه (إعجاز القرآن) الذي حدّد فيه مفهومه للإعجاز القرآني. (انظر:
الأعلام وغيره)
[27] نشير به إلى ديموقريطَسْ (460؟ ق.م -370؟
ق.م)، هو فيلسوف مادّي يوناني ، حاول أن يبرهن أنَّ العالم مكوَّن من عدد غير
محدود من الذَّرات، يتحرك في فراغ لا حدود له. وهذه الذَّرات جُسَيمات من المادَّة
غير المرئية، وغير القابلة للانقسام، وغير المولّدة أو القابلة للإتلاف. وتختلف عن
بعضها في الحجم والشَّكل والوضع. وكل شيء في هذا العالم مكوّن من مجموعة مختلفة عن
غيرها من هذه الذَّرات، وقد جاء عالمنا من تركيب عَرَضي لهذه الذَّرات. وبسبب وجود
عدد غير محدود من الذَّرات، فقد وجدت عوالم أُخرى أَيضًا.
[28] المذهب الذرّي هو عبارة عن فكرة فلسفية تطوّرت في اليونان خلال القرن
الخامس قبل الميلاد.. وهي ترى أن العناصر الأساسية للحقيقة تتشكّل من الذرة غير
القابلة للانقسام والإتلاف، وهي مادة سابحة في الفضاء.. ويظنّون أن الذرّة لها
حركة، ولكنها تنعدم وترتدُّ بعد ارتطامها. وقد تكوّنت الدنيا نتيجة هذه الحركات.
ووجدت لفترة من الزمن ثم اختفت. وهذه العوالم والأشياء الظاهرية التي وجدت عليها
تختلف فقط في الحجم والشكل وموضع ذراتها.
[29] ذكرنا هنا أدلة المتكلمين.. والعلماء المحدثون يستدلون على الحدوث
بأن الكون لو كان قديما لاستهلكت طاقته منذ زمن بعيد وتوقف كل نشاط في الوجود،
وهذا ما يؤكده العلم التجريبي في (القانون الثاني للحرارة الديناميكية)، والذي ينص
على أن الطاقة في الكون تقل تدريجياً بصورة مطردة.
[30] هذا الدليل هو متمسك المتكلمين على اثبات حدوث العالم ، وهو مذكور
في أكثر كتب الكلام كالتمهيد للباقلانى، وأصول الدين لعبد القاهر البغدادى، وشرح
المقاصد للتفتازانى وشرح العضدية للجرجانى.. وقد عبر الباقلاني عنه باختصار في
الإنصاف مستدلا له بالنقل، فقال: (يجب أن يعلم: أن العالم محدث؛ وهو عبارة عن كل
موجود سوى الله تعالى، والدليل على حدوثه: تغيره من حال إلى حال، ومن صفة إلى صفة،
وما كان هذا سبيله ووصفه كان محدثاً، وقد بين نبينا (ص) هذا بأحسن بيان يتضمن أن جميع الموجودات سوى الله محدثة مخلوقة، لما
قالوا له: يا رسول الله: أخبرنا عن بدء هذا الأمر ؟ فقال: نعم. كان الله تعالى ولم
يكن شيء، ثم خلق الله الأشياء فأثبت أن كل موجود سواه محدث مخلوق. وكذلك الخليل ، إنما استدل على حدوث الموجودات
بتغيرها وانتقالها من حالة إلى حالة؛ لأنه لما رأى الكوكب قال:﴿ هَذَا رَبِّي)(الأنعام:
من الآية76) ، إلى آخر الآيات، فعلم أن هذه لما تغيرت وانتقلت من حال إلى حال دلت
على أنها محدثة مفطورة مخلوقة، وأن لها خالقاً، فقال عند ذلك وجهت وجهي للذي فطر
السموات والأرض)
[32] استفدنا المعلومات الواردة هنا من كتاب (الإسلام يتحدى) لوحيد
الدين خان.
[33] المعلومات العلمية المحضة هنا ـ والتي استفدناها من كتاب (الإسلام
يتحدى) ـ ربما تكون قد تغيرت بفعل التطور العلمي، ولكنها مع ذلك تبقى صالحة
للاستدلال.
[34] أشير به إلى (أبي محمد الرسي) وهو القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل
بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب وهو منسوب إلى ضيعة كانت له جهة
المدينة يقال لها الرس، لم يسمح المنصور له بالإقامة فيها في كفاف من العيش، بل
طلبه مع الطالبيين ففر إلى السند، وأعقب من ولده ثمانية أنبههم الحسين بن القاسم
وكان زاهداً ومن نسله أئمة صعدة، (وأئمة صعدة من اليمن كانوا زيدية)، وذكر ابن
خلدون في التاريخ أنه توفي سنة 245 هـ
والمناظرة
منقولة من كتابه (الدليل الكبير في الرد على الزنادقة والملحدين)، والكتاب من
جزئين: جزء يذكر فيه المؤلف أدلة وجود الله وينقد أدلة المعارضين ثم يبين صحة
الإسلام ويتكلم في بعض مسائل العقيدة، والجزء الثاني عبارة عن مناظرة دارت بينه
وبين ملحد كان يدور في البلاد يثير الشبهات حتى تلقفه الرسى ودارت بينهما مناظرة.
وقد
جاء في مقدمة الكتاب: ( هو كتاب رد فيه على رجل من أرباب النظر من الملحدة، وكان
يغشى مجامع المسلمين ويورد عليهم الأسئلة الصعبة، في قدم العالم وغير ذلك، حتى
وافاه المؤلف وأجابه على ما عنده من المشكلات فوضح له الحق وتاب إلى الله)
ونحب
أن ننبه هنا إلى أن ما نذكره من هذه المناظرة هو جزء بسيط فقط منها، وقد أضفنا
إليه ما يقتضيه المقام من الأدلة العقلية التي ذكرها المتكلمون.
[35] أشير به إلى أبيقور (342 ق.م. - 270 ق.م.)، وهو فيلسوف إغريقي كان
لأفكاره حول اللذة، والحرية، والصداقة، تأثير كبير على العالم الروماني ـ
اليوناني.. وكان يرى بأن هناك مصدرين يسببان القلق للعقل البشري هما الخوف من
الآلهة، والخوف من الموت.. وقد اعتقد أن هذه المخاوف مبنية على معتقدات خاطئة،
وأنه يمكن التغلب عليها، وأعلن أن الآلهة موجودة ولكنها يجب ألاّ تشكل مصدر خوف،
لأنها توجد بعيدًا عن البشر ولا تُعنى بأمورهم لأن هذا يتعارض مع سعادتها.
وذكر
أبيقور أن الموت يجب ألاّ يُخشى، لأن الخير والشر يكمنان في الشعور، والموت بزعمه
يُنهي الشعور، وإذا تحرر الشخص من هذه المخاوف، فبإمكانه أن يعيش حياة سعيدة
بالسعي لملذات معتدلة وتجنُّب الألم، وإن أفضل طريقة للحصول على اللذة هي العيش
بتعقل واعتدال وشجاعة وعدل وزرع بذور الصداقة.
وُلِدَ
في جزيرة ساموس، وأدار مدرسة للفلسفة في أثينا منذ عام 306 قبل الميلاد وحتى
وفاته.. وكان كاتبًا غزير الإنتاج، ترك ثلاث رسائل تلخص تعاليمه، ويمكن الوقوف على
أفكاره وفلسفته في مصادر عديدة منها قصيدة طويلة للشاعر الروماني لوكريشيس
عنوانها: في طبيعة الأشياء.. (انظر: الموسوعة العربية العالمية)
[36] أسس المذهب الأبيقوري ترجع إلى المذهب الذري الذي قال به
(ديموقريطس)من قبل ، لكن (أبيقور) أضاف فكرة الميل في التحرّك الآلي في الذرات ،
ليحصل التصادم بينها ، فتتكوّن الظاهرات الكونية.
وللأبيقوريين
أقوال يهاجمون فيها الدين الوثني المعدد للآلهة ، والذي كان منتشراً بين
اليونانيين وغيرهم ، في تلك العصور.. فمن أقوال (لوكرتيوس) أحد الأبيقوريين:(إن
الدين شرٌّ ما بعده شرّ ، وإن الواجب على الإنسان ومهمة الفلسفة الأولى أن تتخلص نهائياً
من كل دين ، لأن الدين هو ينبوع كل شر)
وربما
لم يكن في عهدهم ذلك صورة صحيحة عن دين رباني صحيح ، وإنما لديهم أديان وثنية
خرافية ، لذلك شجبُوا الدين الذي رأوا نماذجه في عصورهم.
ولذلك
نجد في تعبيرات الأبيقوريين: إن الذي يؤمن بالدين الشعبي المألوف ومعتقداته يرتكب
خطيئة دينية في الواقع ، بينما الذي لا يؤمن بها هو الذي يسلك سبيل الصواب.
وهجومهم
على هذا النوع من الأديان لا شأن لنا به ، وقد يكون لهم في ذلك عذر ، لما عليه هذه
الأديان من خرافات وأضاليل وأكاذيب.
ونشير
هنا إلى أن هذه المناظرة التي ذكرناها ليست متوجهة للأبيقوريين على الخصوص.. لأن
الرد عليهم ذكرناه في المناظرة السابقة.. وإنما ذكرناهم هنا ليتعرف القارئ على
المواقف المختلفة من (الله)، فهذا من أغراض هذه الرسالة.
[37] استفدنا المادة العلمية الواردة في هذه المناظرة من كتاب (العقائد
الحقة - دراسة علمية جامعة في أصول الدين الاسلامي على ضوء الكتاب والسنّة
والعقل-) للسيد على الحسيني الصدر.
[38] أشير به إلى أبي جعفر محمد بن موسى الخَوارزْمي (776 - 847م)،
رياضي فلكي مؤرخ من أهل خوارزم، عاصر الخليفة المأمون العباسي الذي أدرك فضله
وأولاه رعاية عظيمة، وهو مؤسس علم الجبر وقد لقّب بأبي الجبر.. وقد اخترناه هنا
باعتباره من المتكلمين للدلالة على أن العقل الإسلامي لم يتأثر بالنظريات
الإلحادية التي راجت بين النخبة المثقفة في الملل الأخرى.. ولبيان أن نصرة الدين
كانت من الكل علماء دين كانوا أم علماء دنيا، إن صح هذا التفريق.
[39] أشير به إلى (توماس هوبز) (1588 - 1679م)، وهو فيلسوف إنجليزي،
وأشهر كتاب له بعنوان (لفياثان) أو (شكل المادة)، و(سلطة الكومنولث الكنسيّة
والمدنية) (1651م)، تأثر هوبز بتطورين حدثا في زمانه، أولهما، النظام الجديد لعلم
الطبيعة الذي كان جَالِيليُو وآخرون يحاولون التوصل إليه. وقد استنتج من أفكارهم
أن المادة وحدها هي الموجودة، وأن أي شيء يحدث يمكن التنبؤ به وفقًا لقوانين علمية
دقيقة، واعتقد الكثيرون في زمانه أن نظرته أنكرت وجود الله، والروح الإنسانية
الحرة الخالدة، ولكنه نفى ذلك.
[40] أشير به إلى شيخنا الجليل العلامة الشيخ (محمد الغزالي) ، وهو:
محمد الغزالي أحمد السقا (1917- 1996م)، وهو أحد دعاة الفكر الإسلامي في العصر
الحديث، عرف عنه تجديده في الفكر الإسلامي وكونه من المناهضين للتشدد والغلو في
الدين.
وقد
ذكر الشيخ محمد الغزالي هذا الحوار الذي اقتبسناه بتصرف هنا في كتابه قذائف الحق،
قال في أوله: ( دار بينى وبين أحد الملاحدة جدال طويل، ملكت فيه نفسى وأطلت صبري
حتى ألقف آخر ما في جعبته من إفك، وأدمغ بالحجة الساطعة ما يوردون من شبهات).. وقد
ذكرنا هنا نص الحوار بأنواع التصرفات التي جرينا عليها في هذه السلسلة.
[41] سمي الشيخ محمد الغزالي بهذا الاسم رغبة من والده بالتيمن بالإمام
الغزالي، فقد رأى في منامه الشيخ الغزالي وأخبره أنه سوف ينجب ولدا، وأمره أن
يسميه على اسمه الغزالي.
[42] أشير به إلى (إسماعيل مظْهر بنُ مُحمّد بن ِ عبدالمجيدِ)
(1308-1381 هـ) كان أحدَ دعاةِ الداروينيّةِ في العصر ِ الحاضر ِ ، ومن دعاةِ
الشعوبيّةِ ، أنشأ مجلّةِ العصور ِ في مصرَ وذلكَ في سنةِ 1927 م ، وجعلَ من
مجلّتهِ باباً للطعن ِ في الدين ِ ، ونشر ِ الشعوبيّةِ ، وفتح ِ بابِ الرّدةِ و
الإلحادِ ، كانَ معظّماً لليهودِ ، وداعياً للسير ِ على نهجهم وطريقتهم ، وكانَ
يُسمّي نفسهُ: صديقَ دارون ، وألّفَ في الانتصار ِ لنظريّةِ داروين مجموعة ً من
المؤلفاتِ ، ثمّ اعتنقَ الفكرَ الشيوعيَّ ، وأنشأ حزباً أسماهُ حزبَ الفلاح ِ ،
جعلهُ منبراً لنشر ِ الشيوعيّةِ والاشتراكيّةِ ، ثمّ في آخر ِ عمرهِ أعرضَ عن كلِّ
ذلكَ ، ورجعَ عن الكثير ِ من آراءهِ ، وألّفَ كتاباً أسماهُ (الإسلامُ لا
الشيوعيّة) ، وقد اشرنا إلى تراجعه في هذه المناظرة..
[43] ذكرنا أن إسماعيل مظْهر قد تراجع عن الكثير من آرائه.. ونحب أن
ننبه هنا من جديد إلى أن الحوار الذي ذكره الغزالي كان مع ملحد لم يسمه.
[44] كان البروفسور (روبرت) مدير لمعهد للأرصاد تشترك فيه سبع وخمسون
جامعة أمريكية.. وقد جرى هذا النقاش ـ على حسب ما يذكر الزنداني ـ عقب المؤتمر
الدولي للإعجاز العلمي في إسلام آباد.
[46] أشير به إلى (وحيد الدين خان)، وهو مفكر مسلم هندي معاصر يجمع بين
الفكر الإسلامي ، والفكر العلمي الفلسفي.. وبتلك المقومات استطاع أن يناظر
الملحدين واللادينيين بحججه الدامغة في العديد من كتبه، وتتميز مؤلفاته أنها تجمع
بين البساطة والعمق، ولذلك فهي تناسب مختلف أنواع القراء، من مؤلفاته المترجمة إلى
العربية ( الإسلام يتحدى)، وهو أشهرها، وقد استفدنا منه في هذا المحل، و( الدين في
مواجهة العلم)، و( حكمة الدين)، و( تجديد علوم الدين)، و(المسلمون بين الماضي
والحاضر والمستقبل)، و(خواطر وعبر)
[47] نشير به إلى برتراند راسل (1872 - 1970)، وهو فيلسوف ورياضي
وكاتب إنجليزي، وقد كان من أشهر الفلاسفة الذين عرفهم الفكر الفلسفي أثناء الفترة
الممتدة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية.. وقد ظل صاحب الخطوة الأولى
لدى الذين يطلقون على أنفسهم تقدميين من المثقفين المعاصرين الملاحدة في أوروبا
وغيرهم.. وهو ذو تطرف سياسي، ومتطرف جداً في إلحاده، وقد بسط أفكاره السياسية
والإلحادية المتطرفة في كتابات أدبية مؤثرة.. أثرت كتاباته السهلة على العامة ،
وأثرت كتاباته العميقة على الفكر الأوروبي المعاصر كله.
ونحن
ننبه هنا إلى أنا لا نقصد هنا الرد على كل ما يرتبط بأفكار راسل، وإنما نقصد فقط
التنبيه إليه.. ورد ما يرتبط بموضوعنا هذا من أفكاره.
[48] انظر الرد على هذا القول وما يشبهه في رواية ( أسرار الحياة) من
هذه السلسلة.
[49] ذكر وحيد الدين خان ، أنه قرأ كل أعمال (برتراند رسل) واستطاع بعد
قراءتها أن يلتقط من أقواله ما يكشف عن النهايات الفكرية التي انتهى إليها.. وما
نذكره هنا هو هذه الأقوال التي جمعها وحيد الدين خان.
[50] لا ينطبق هذا انطباقا صحيحا شاملا إلا على الإسلام ومصادره
المقدسة، وقد برهنا على هذا بتفصيل في رواية (معجزات علمية) من هذه السلسلة.
[51] حاولنا في هذه المناظرة أن نلخص ـ باختصار ـ ما تنص عليه أخطر
نظرية إلحادية، وهي (المادية الجدلية)، أما تفاصيل الردود عليها، فهي موجودة في
أثناء هذه الرسالة، باعتبار أن هذه النظرية في جوهرها ليست سوى مزيج من نظريات
مختلفة.
[52] أشير به إلى أستاذنا الكبير العلامة (محمد سعيد رمضان البوطي)، وهو
من علماء الكلام المعاصرين الكبار.. وهو ضالع في العقائد والفلسفات المادية وخاصة
في نقد المادية الجدلية.
[53] أشير به إلى كارل ماركس (1818-1883م)، وهو فيلسوفٌ ألماني واجتماعي
وثوري محترف، كان المؤسس الرئيسي لحركتين جماهيريَّتين قويتين هما: الاشتراكية
الديمقراطية، والشيوعية الثورية.. والوصف الذي ذكرناه له في الرواية هو وصف أحد
أصدقائه له.
[54] هو جورج ويلهلم فريدريك هيغل فيلسوف ألماني.. يعتبر أهم مؤسسي
حركة الفلسفة المثالية الألمانية في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي.. من أهم
مميزات هيجل ميله الحاد إلى التناقض والتعقيد، وقد انعكس تنافضه على المعجبين به
والناقدين له, فهو موجود في الماركسية، وذا بصمة واضحة في الاجتهادات
البروتستانتية.. وهو شاهد لدى الوجودين، ومرجع للبراغماتين.. وسنرى بعض ما يرتبط
بفلسفته والتي اعتمد عليها ماركس في هذا المطلب.
[55] سبق أن أشرنا إلى مضمون هذه الفلسفة.. ونحب أن ننبه ـ هنا، بناء
على ما ذكر الباحثون ـ أن الاتجاه المادى قديم فى الحياة الأوروبية ، فهو يتجلى فى
بعض اتجاهات الفلسفة الإغريقية القديمة، واتجاهات الحياة الرومانية قبل المسيحية..
[56] هذه المناقشات ملخصة بتصرف واختصار من كتاب (كواشف زيوف) لحبنكة..
وقد اقتصرنا منها على الجانب المتعلق بالمادية الجدلية، دون سائر المبادئ الشيوعية
المرتبطة بالتاريخ والاقتصاد لعدم تناسبها مع الموضوع.
[57] ذكرنا الأدلة العلمية الكثيرة على ذلك في هذا الفصل.
[58] ذكرنا هذه النوع من الاستدلال في المناظرة الأولى.
[59] هذا من الحقائق العلمية التي لم تزدها الأيام إلا تأكيدا، وقد
تواترت شهادات العلماء على ذلك، يقول (رسل تشارلز إرنست) أستاذ الأحياء والنبات
بجامعة فرنكفورت بألمانيا:( لقد وضعت نظريات عديدة لكى تفسر نشأة الحياة من عالم
الجمادات ، فذهب بعض الباحثين إلى أن الحياة قد نشأت من البروتوجين ، أو من
الفيروس أو تجمع بعض الجزئيات البروتينية الكبيرة وقد يخيل إلى بعض الناس أن هذه
النظريات قد سدت الفجوى التى تفصل بين عالم الأحياء وعالم الجمادات.. ولكن الواقع
الذى ينغى أن نسلم به هو أن جميع الجهود الذى بذلت للحصول على المادة الحية من غير
الحية قد باءت بفشل وخذلان ذريعين. ومع ذلك فإن من ينكر وجود الله لا يستطيع أن
يقيم الدليل المباشر للعالم المتطلع ، على أن مجرد تجمع الذرات والجزئيات من طريق
المصادفة ، يمكن أن يؤدى إلى ظهور الحياة وصيانتها وتوجيهها بالصورة التى شاهدناها
فى الخلايا الحية. وللشخص مطلق الحرية فى أن يقبل هذا التفسير لنشأة الحياة ، فهذا
شأنه وحده ! ولكنه إذ يفعل ذلك ، فإنما يسلم بأمر أشد إعجازا أو صعوبة على العقل
من الاعتقاد بوجود الله ، الذي خلق الأشياء ودبرها)
ويضيف:
( إنني أعتقد أن كل خلية من الخلايا الحية قد بلغت من التعقد درجة يصعب علينا
فهمها ، وأن ملايين الملايين من الخلايا الحياة الموجودة على سطح الأرض تشهد
بقدرته شهادة تقوم على الفكر والمنطق. ولذلك فإننى أؤمن بوجود الله إيمانا راسخا
(من مقال (الخلايا الحية تؤدى رسالتها) من كتاب (الله يتجلى فى عصر العلم) ، ص 77)
ويقول
إيرفنج وليام (دكتوراه من جامعة أيووا وإخصائى وراثة التبانات ، وأستاذ العلوم
الطبيعية بجامعة ميتشجان): ( إن العلوم لا تستطيع أن تفسر لنا كيف نشأت تلك
الدقائق الصغيرة المتناهية فى صغرها ، والتى لا يحصيها عد ، وهى التى تتكون منها
جميع المواد. كما لا تستطيع العلوم أن تفسر لنا – بالاعتماد على فكرة المصادفة وحدها – كيف تتجمع هذه الدقائق الصغيرة لكى تكون الحياة) (الله يتجلى فى عصر
العلم، ص 52)
[60] الوعي المراد هنا هو الوعي الكامل.. أما أصل الوعي فقد ذكرنا في
مناسبات كثيرة أنه لا تخلو منه ذرة من ذرات الكون.. انظر رسالة (أكوان الله)
[61] أشير به إلى عالم الشام الكبير الشيخ عبد الرحمن حسن حبنكة، وقد
استفدنا هذه المناظرة الافتراضية من كتابه (صراع مع الملاحدة حتى العظم)
[62] أشير به إلى صادق جلال العظم، وهو أحد أساطين الفكر الشيوعي
المادي ، وملحد من كبار الملاحدة ، ممن أخذ يجاهر بالإلحاد ، ويدعو إليه ، قضى
عمره في السخرية من المسلمين ومن دينهم ، وكفر بكل شيء إلا المادة.
وقد
ذكر الشيخ عبد الرحمن الميداني في كتابه (صراع مع الملاحدة حتى العظم) (ص12-13) ـ
والذي استفدنا منه هذه المناظرة الافتراضية ـ بأن العظم ألف كتابه السابق (خدمة
للماركسية والداروينية والفرويدية، وسائر النظريات، بل الفرضيات اليهودية
الإلحادية، وهو في كل ذلك يتستر بعبارات التقدم العلمي والصناعي والمناهج العلمية
الحديثة، ولا يقدم من البينات إلا قوله مثلاً: إن العلم يرفض هذا، أو لا يُسلم
بهذا، أو يثبت هذا، دون أن يطرح مناقشات علمية نقدية تتحرى الحقيقة).
وقد
قام بالرد على العظم كثير من العلماء والكتاب؛ من أبرزهم:
الشيخ
عبد الرحمن الميداني في كتابه (صراع مع الملاحدة حتى العظم)، وهو الذي استفدنا منه
هنا في هذا المحل، واقتصرنا على ما يرتبط بالإيمان بالله.
الشيخ
محمد حسن آل ياسين في كتابه (هوامش على كتاب نقد الفكر الديني)
الأستاذ
جابر حمزة فراج في كتابه (الرد اليقيني على كتاب نقد الفكر الديني)
الأستاذ
محمد عزت نصر الله في كتابه (تهافت الفكر الاشتراكي)
الأستاذ
محمد عزة دروزة في كتابه (القرآن والملحدون)
الدكتور
عبداللطيف الفرفور في كتابه (تهافت الفكر الجدلي)
[65] رغم إلحاد العظم وعدم إيمانه بالله.. ولا بجميع
عوالم الغيب إلا أنه عقد فصلاً في كتابه (نقد الفكر الديني) يدافع فيه عن (إبليس)
سماه (مأساة إبليس) (ص55 وما بعدها) ردد فيه شبهات إبليس التي نقلتها بعض الكتب
السابقة في اعتراضه على القدر؛ ككتاب (الملل والنحل) للشهرستاني (7-10)
ثم
ختم كلامه بقوله عن إبليس (ص85): (يجب أن نرد له اعتباره بصفته ملاكاً يقوم بخدمة
ربه بكل تفان وإخلاص، ويجب أن نكف عن كيل السباب والشتائم له، وأن نعفو عنه ونطلب
له الصفح ونوصي الناس به خيراً)
وقد
ذكر سبب بحثه في هذا مع عدم إيمانه به، بقوله في (ص57): (يدور (بحثي) في إطار معين
لا يجوز الابتعاد عنه على الإطلاق؛ ألا وهو إطار التفكير الميثولوجي الديني الناتج
عن خيال الإنسان الأسطوري وملكاته الخرافية) فهو يريد دراسة شخصية إبليس
(باعتبارها شخصية ميثولوجية أبدعتها ملكة الإنسان الخرافية، وطورها وضخمها خياله
الخصب)
[66] لا شك أن هذا من المفتريات، فأكثر فلاسفة الإسلام كانوا من
الملتزمين بالإسلام، بل حاولوا نصرته بما أتيح لهم من أدوات لم تتح لغيرهم.
[68] هو أنطوان لوران لافوازيه (1743 - 1794م) كيميائي فرنسي، وهو مؤسس
الكيمياء الحديثة. قام بقياس أوزان المواد التي تدخل في التفاعلات الكيميائية.
[69] نقله حبنكة عن (إسماعيل مظهر) في مقدمته لكتاب
(أصل الأنواع)، تأليف (تشارلز داروين)
[70] ذكرنا هذا القول في المبحث السابق، والذي نقلناه من كتاب (العلم في
منظوره الجديد).. ولكن حبنكة يشكك في مدى صدقه.. قال بعد عرضه له:( لست أدري مبلغه من الصحة أمام قوله الذي قرأناه مما كتب بنفسه، وبكل
أسف لم نجد لدى الناقد أثراً للأمانة الفكرية التي يتظاهر بالغيرة عليها)
[71] نحب أن ننبه هنا إلى الخطورة التي تحملها هذه الفكرة التي عرضها
وليم جيمس، والتي صار البعض يتشبث بها للإيمان بأي شيء، بحجة أن الإرادة تغلب العقل..
وهو لذلك لا يبحث عن الدين الصحيح الذي ينبغي أن يسلم زمامه له.
[72] ننبه إلى أن المناظرة ليست حقيقية كما هو ظاهر.
[73] أشير به إلى الإمام المتكلم ظهير الدين، محمّد بن الإمام قطب
الدين سعيد بن هبة الله، الراونديّ، من أعلام الشيعة في القرن السابع الهجري، وهو
صاحب كتاب (عجالة المعرفة في أصول الدين)
[74] أشير به إلى (ابن الرواندي)، وهو أبو الحسن أحمد بن يحيى بن إسحاق
الراوندي، نسبة إلى قرية راوند الواقعة بين أصفهان وكاشان في فارس، ولد عام 210 هـ
، وتوفي في الأربعين من عمره مخلِّفاً وراءَه أكثرَ من مئةِ كتابٍ طافحةٍ
بالافتراءاتِ التي تُبَيِّنُ خُروجَه عن الإسلام، وقد كانَ يهودياً، ثمَّ دخلَ
الإسلامَ وتنقَّلَ بينَ عدَّةِ مذاهبَ حتى ماتَ كافراً ملحداً.
سردَ
ابنُ الجوزي سيرته في عدَّةِ صفحات؛ وقال الذهبيُّ في ختامِ ترجَمته: (لعنَ اللهُ
الذكاءَ بلا إيمانٍ ورضيَ عن البلادةِ معَ التقوى)؛ ونُقلَ عن أبي عليٍّ الجبائي
المعتزلي قولَه: (قرأتُ كتابَ هذا الملحدِ الجاهلِ السفيهِ ابن الراوندي فلم أجدْ
فيه إلاَّ السفهَ، والكذبَ، والافتراء)
[75] الواجب: هو ما لا يتصور العقل نفيه، أي ما لا يمكن للعقل أن ينفك عن إثباته..
والاستحالة ضد الوجوب فهي عدم قبول الثبوت في العقل، فالمستحيل ما لا يتصور العقل
ثبوته، أي أن العقل لا ينفك عن نفيه وسلبه والحكم بعدمه كلما عرض مفهومه على
العقل.. أما الجواز أو الإمكان العقلي فهو تمام القسمة العقلية بين الوجوب
والاستحالة، فهو قبول الثبوت والانتفاء في العقل؛ فالجائز العقلي هو ما يتصور
العقل ثبوته ونفيه، أي أنه عند عرضه على العقل فإن العقل ينفك عن إثباته كما ينفك
عن نفيه.
ودليل الحصر أن المعلوم إما أن لا ينفك العقل عن إثباته وهو الواجب،
أوْ ينفك عن إثباته كما ينفك عن نفيه وهو الجائز، أو لا ينفك عن نفيه وهو الممتنع
لذاته، ولا ثالث بين الإثبات والنفي.. فثبت بذلك انحصار الأحكام المذكورة في الثلاثة.
[76] أشير في هذه المناظرة إلى مناظرة للإمام جعفر
الصادق وهو من أئمة أهل البيت عليهم السلام مع بعض الملحدين.
[77]أشير به إلى (آريوس) (256 - 336م)، وهو قس إغريقي من سكان
الإسكندرية، بمصر، أنشأ في حوالي عام 318م مذهبًا لاهوتيًا نصرانيًا يعرف
بالآريوسية، أكد فيه أن المسيح مخلوق وليس إلهًا.. وكان يؤمن بالوحدانية ويقر
بنبوة المسيح لا بألوهيته.
وفي حوالي
عام 318م، استنكر الإسكندر، مطران الإسكندرية تعاليم آريوس، الذي استمر في القول
بتعاليمه وجذب الكثير من الأتباع، فطرده وأتباعه من الإسكندرية، فذهب إلى فلسطين
وسوريا، وتبعه أساقفة كثيرون منهم أسقف قيصرية وأساقفة بيروت وصور واللاذقية
وغيرها.. ولما خشي قسطنطين استفحال أمره بعد الانتشار السريع لآرائه، دعا المجمع
المسكوني للانعقاد، فانعقد في نيقية عام 325م، وحكم بالأقانيم الثلاثة، وشجب أقوال
آريوس، وأمر بحرق كتاباته وتحريم اقتنائها، وحكم عليه بالهرطقة. (انظر: الموسوعة
العربية العالمية)
[78] أشير به إلى أحد كبار المتكلمين في الإسلام فخر الدين الرَّازي،
(544 - 606هـ، 1150 - 1210م)، وهو أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين
التيمي الرازي الملقب بفخر الدين. ولد في الري بطبرستان، أخذ العلم عن كبار علماء
عصره، ومنهم والده، حتى برع في علوم شتى واشتهر، فتوافد عليه الطلاب من كل مكان.. كان
الرازي عالمًا في التفسير وعلم الكلام والفلك والفلسفة وعلم الأصول وفي غيرها..
ترك مؤلفات كثيرة أبرزها تفسيره الكبير المعروف بمفاتيح الغيب.. ولا يخفى سر
اختيارنا له في هذا المقام.
[79] انظر في هذا رواية (سلام للعالمين) من هذه السلسلة، فصل (العقل).
[80] استفدنا بعض المعلومات الواردة هنا من كتاب (الله جل جلاله) لسعيد
حوى، ومن الكتب العلمية التي سبق ذكرها.
[81] انظر في تقرير هذا
البرهان التفسير الكبير للفخر الرازي.
[85] أشير به إلى (فريدريك ماكس مولر) (1823 - 1900م)، وهو عالم ألماني
اهتم بصفة خاصة باللغة السنسكريتية الهندية القديمة.. أسهم في الدراسة المقارنة في
مجالات اللغة والدين وعلم الأساطير على الرغم من أن علماء العصر الحديث قد نبذوا
الكثير من نظرياته.
كان
أهم أعماله أول إصدار باللغة الإنجليزية من ريك ـ فيدا، وهو أقدم كتاب هندوسي
مقدس.. نشر في ستة مجلدات بين عامي 1849م و 1873م، كما حرر كتب الشرق المقدسة،
الذي يضم في 51 مجلداً ترجمات دارسين مختلفين لنصوص كل الديانات الآسيوية الرئيسية
فيما عدا النصرانية واليهودية.. ونشر أول هذه الكتب في عام 1875م. (الموسوعة
العربية العالمية)
[86] من المصادر المهمة التي رجعت إليها لذكر التفاصيل المرتبطة
بالتصورات المختلفة للأديان والمذاهب عن (الله) كتاب (الله) للعقاد، فهو من أحسن
ما ألف من الكتب في هذا الباب.
[87] نذكر هنا ما ذكره العقاد من التصورات الدينية والتي كانت منتشرة
بين العامة، ولها كانت تقام المعابد.. أما التصورات الفلسفية، فلها محلها الخاص..
وهي على العموم أفضل بكثير من الاعتقادات العامة.
[88] يذكر العقاد أن قصة الخليقة في الهند تشبه قصة الخليقة المصرية في
أكثر من صيغة واحدة من صيغها العديدة: فالحياة خرجت من بيضة (ذهبية) كانت تطفو علي
الماء في العماء ، والإله الأكبر كان ذكرا وأنثي فهو الأب والأم للأحياء كما جاء
عن (رع) في بعض الأساطير المصرية، وبناء العالم من صنع بناء ماهر في أساطير مصر
والهند علي السواء ، وتتفق مصر وبابل والهند علي الإله الأكبر قد خلق الأرض بكلمة
ساحرة.. فأمرها بأن توجد فبرزت علي الفور إلي حيز الوجود. (الله، للعقاد)
[89] هذا ما عبر به العقاد.. ويعبر به علماء مقارنة الأديان عادة عند
بحثهم في تاريخ الأديان.. ونحن نرى أن الأمر ليس خاضعا للتطور المتوهم.. وإنما هو
خاضع لتأثير رسل الله والدعاة إليه، كما قال تعالى:﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ
بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ)
(فاطر:24)
[90] انتقد العقاد الدراسات الأوروربية التي استلهم منها، قال: (علينا
أن نحترس من مغالاة الشراح الأوربيين بهذه الفلسفة البوذية. لأنهم يتعصبون لكل
منسوب إلي الآرية علي اعتبارها عنصر الأوربيين الأقدمين والمعاصرين، فقد رفعوها
فوق قدرها بلا مراء ، وزعمواأنها (جرأة العقل الكبري) في مواجهة المشكلة الكونية ،
وأنها الخطوة المقتحمة التي لم يذهب وراءها ذو عقيدة في مطاوح التأمل والإقدام)
وقد
رد على هذا بقوله: (لكنها لا تحسب من الجرأة العقلية بوصف من الأوصاف ، فما هي إلا
جرأة حسية في أقصي ما تطوحت إليه من الفروض والأظانين ، وما البوذية كلها إلا
تململا من وطأة الحس والجسد، ولا سعادتها القسوي إلا ضيقا بالحس وهربا منه إلي
الفناء أو (اللاوعي) علي أحسن تقدير.. والمحسوس عندها شامل للمعقول ، والكائن بحق
الحس عندها شامل للكائن بحق العقل وحق الوعي وحق الذات.. والآلهة عندما تأتي في
المرتبة التالية بعد مرتبة الأكوان وما ارتفعت الأكوان عندها إلي هذة المرتبة إلا
بأنها هي المحسوس ، وهي أول ما يفاجئنا قبل أن نفكر وقبل أن نتأمل وقبل أن ندين
باعتقاد)
[91] هذا ما ذكره العقاد في كتابه (الله) بناء على دراسات الغربيين..
ونحن نرى أن في هذا تجديفا خطيرا.. فالأدلة الكثيرة تشير إلى أن زراشت كان موحدا..
وقد رجحنا كونه كذلك بناء على ما ورد من النصوص عن السلف الصالح..
وقد
قال ابن حزم بهذا، فقد جاء في الفصل: (أما زرادشت فقد قال كثير من المسلمين
بنبوته) (الفصل في الملل والأهواء والنحل:1/90)
ثم
عقب على ذلك بقوله: (ليست النبوة بمدفوعة قبل رسول الله (ص) لمن صحت عنه معجزة، قال تعالى:﴿ وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا
فِيهَا نَذِيرٌ((فاطر:24)،
وقال:﴿ وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ
نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ((النساء:164)
ثم
بين أن الذي ينسب إليه المجوس من الأكذوبات باطل مفترى منهم، واستدل على ذلك
بالتحريفات الواقعة في الديانات المختلفة،، ثم بين قاعدة جليلة في ذلك فقال:( وبالجملة
فكل كتاب وشريعة كانا مقصورين على رجال من أهلها، وكانا محظورين على من سواهما
فالتبديل والتحريف مضمون فيهما، وكتاب المجوس وشريعتهم إنما كان طول مدة دولتهم
عند المؤبذ، وعند ثلاثة وعشرين هربذا، لكل هربذ سفر قد أفرد به وحده لا يشاركه فيه
غيره من الهرابذة ولا من غيرهم، ولا يباح بشيء من ذلك لأحد سواهم، ثم دخل فيه
الخرم بإحراق الإسكندر لكتابهم أيام غلبته لدارا بن دارا، وهم مقرون بلا خلاف منهم
أنه ذهب منه مقدار الثلث ذكر ذلك بشير الناسك وغيره من علمائهم)
ونفس
ما دفع به ابن حزم عن زرادشت ما نسبه إليه المجوس ذكره غيره من العلماء، قال
الباقلاني: (وكذلك الجواب عن المطالبة بصحة أعلام زرادشت إما أن نقول إنها في
الأصل مأخوذة عن آحاد، لأن العلم بصدقهم غير واقع لنا، أو نقول إنه نبي صادق ظهرت
على يده الأعلام، ودعا إلى نبوة نوح وإبراهيم، وإنما كذبت المجوس عليه في إضافة ما
أضافته إليه من القول بالتثنية وقدم النور والظلام وحدوث الشيطان من فكرة وشكة
شكها بعض أشخاص النور، وهو بمنزلة كذب النصارى على المسيح من دعائه إلى اعتقاد التثليث والاتحاد
والاختلاط، وأن مريم ولدت مسيحا بلاهوته دون ناسوته وغير ذلك) (تمهيد الأوائل
وتلخيص الدلائل:203)
وقد
ذكر ابن حزم أن هذا القول ليس بدعة للمتأخرين، بل أن من السلف من قال بذلك، قال:(
وممن قال أن المجوس أهل كتاب علي بن أبي طالب وحذيفة هما، وسعيد بن المسيب وقتادة
وأبو ثور وجمهور أصحاب أهل الظاهر، وقد بينا البراهين الموجبة لصحة هذا القول في كتابنا
المسمى الإيصال في كتاب الجهاد منه وفي كتاب الذبائح منه وفي كتاب النكاح منه)
(الفصل في الملل والأهواء والنحل:1/90)، ثم قال:( ويكفي من ذلك صحة أخذ رسول الله (ص) الجزية منهم، وقد حرم الله عز وجل في نص القرآن في آخر سورة نزلت
منه وهي براءة أن تؤخذ الجزية من غير كتابي)
[92] عبد الوهاب المسيري (1938-2008) مؤلف موسوعة اليهود و اليهودية
والصهيونية، وهي أحد أهم الأعمال الموسوعية العربية في القرن العشرين.. استطاع من
خلالها إعطاء نظرة جديدة موسوعية موضوعية علمية للظاهرة اليهودية بشكل خاص، و
تجربة الحداثة الغربية بشكل عام، مستخدماً ما طوره أثناء حياته الأكاديمية من
تطوير مفهوم النماذج التفسيرية.
[99] (القدوس) مشتق في اللغة من (التقديس)، ويعني في اللغة التطهير،
ومنه سميت الجنة حظيرة القدس كما ورد في الحديث أن رسول الله (ص) قال عن رب العزة: ( من ترك الخمر وهو يقدر عليه لأسقينه منه في
حظيرة القدس، ومن ترك الحرير وهو يقدر عليه لأكسونه إياه في حظيرة القدس)( رواه
البزار)، ومن ذاك تسمية جبريل - عليه السلام - روح القدس قال تعالى: ﴿ قُلْ
نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ ﴾(النحل:102)
والقداسة
تعني الطهر والبركة، وقدس الرجل ربه أي عظمه وكبره، وطهر نفسه بتوحيده وعبادته،
ومحبته وطاعته , ومن ذلك قول الملائكة: ﴿ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ
وَنُقَدِّسُ لَكَ ﴾(البقرة:30)، فالقدوس يعني المطهر المنزه عن كل نقص المتصف بكل
أنواع الكمال (انظر: لسان العرب 6/168، وشرح أسماء الله الحسنى للرازي ص94،
والمقصد الأسنى ص65، وغيرها)
[102] أشير به إلى ابن طاووس ( ت 673 هـ)، وهو جمال الدين أبو الفضائل
أحمد بن موسى الحسني، الحلّي، كان من أكابر فقهاء الاِمامية ومجتهديهم، عالماً
بالحديث ورجاله، متكلّماً، أديباً، شاعراً مجيداً، مصنّفاً. وهو أوّل من قسّم ـ من
علماء الاِمامية ـ الحديث إلى الاَقسام الاَربعة المشهورة: صحيح وموثّق وحسن
وضعيف.
[103] استفدنا الكثير من
المعلومات الواردة في هذا الفصل من كتاب (دلالة الأسماء الحسنى على التّنزيه)، إعداد: د /
عيسى بن عبد الله السّعدي، كليّة التربية بالطائف / قسم الدراسات الإسلاميّة.
[104] للأسف نجد الكثير من المصنفات ترمي الكثير من العلماء والصالحين
بالتشبيه مع انعدام البينة.. بينما تدافع على من شاءت الدفاع عنه، وترمي نفس
المراجع التي استفادت منها تلك المعلومات بأنها مراجع غير موثوقة..
وكمثال
على ذلك الدفاع عن مقاتل بن سليمان مع أنه رمي بالتشبيه في تلك المراجع التي رمي
فيها غيره.. فقد قال ابن تيمية مدافعا عنه:(أمّا مقاتل فالله أعلم بحقيقة حاله ،
والأشعريّ ينقل هذه المقالات من كتب المعتزلة ، وفيهم انحراف على مقاتل بن سليمان
؛ فلعلّهم زادوا في النّقل عنه ، أو نقلوا عنه ، أو نقلوا عن غير ثقة ، وإلاّ فما
أظنّه يصل إلى هذا الحدّ!)
ونحن
نقول تعليقا على هذا: لم لا ينتهج هذا المنهج مع سائر العلماء والفرق؟.. ولم لا
تكون البينة الصحيحة هي الدليل لا مجرد النقل؟.. ولم لا يترك المجال للآخرين
ليدافعوا عن أئمتهم وعلمائهم ما دام الأمر بهذه الصفة؟.. ولم لا يقال بأن للتأثير
السياسي والمذهبي دوره في بيان مقولات الفرق والمذاهب، وخاصة منها من لم يترك أثرا
من كتاب أو أتباع؟
[105] روي ذلك عن ابن
عبّاس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، وابن جريج ، وغيرهم.
[106] اسم الواحد مقارب لاسم الأحد ، وقد فرّق ابن الأثير بينهما من وجهين:
الأول:
أنّ الأحد بني لنفي ما يذكر معه من العدد ؛ فهو يقع على المذكّر والمؤنّث ؛ يقال:
ما جاءني أحد ؛ أي ذكر ولا أنثى، وأمّا الواحد فإنّه وضع لمفتتح العدد ، تقول:
جاءني واحد من النّاس ، ولا تقول فيه: جاءني أحد من النّاس.
الثاني: أنّ الواحد يفيد الانفراد بالذات؛ لأنّه بني على انقطاع
النّظير والمثل ، والأحد يفيد الانفراد بالمعاني ؛ لأنّه بني على الانفراد والوحدة
عن الأصحاب..
[107] ويحتمل أن يفسّر
بما يعمّ النّقائص والعيوب؛ أي المتعالي عن مماثلة الخلق في ذواتهم وصفاتهم ، وعن
جميع النّقائص والعيوب؛ فيكون من أسماء التّمجيد المستوعبة لجميع معاني التّقديس ،
ويدخل بالتالي ضمن أسماء التّنزيه المطلق ؛ كالصّمد ، والمجيد ، والعليّ.
[108]
أشير
به إلى أبي بكر بن خزيمة (223 - 311هـ) السُلمي، النيسابوري الشافعي، صاحب التصانيف،
أحد أبرز علماء الحديث.من مؤلفاته: التوحيد
وإثبات صفة الرب؛ ولا يخفى سر اختيارنا له هنا.
[109] والعلم الحديث أثبت
ذلك الآن.. فمع تعدد أفراد العالم المادي في هذه النشأة إلا أنه مركب جميعا من
مركبات واحدة محصورة.
[110] وهذا بعينه ما تنص
عليه النظرية النسبية من اعتبار الزمان بعدا رابعا متمما لسائر الأبعاد.
[111] ذكر الفخر الرازي البرهان على هذا في تفسير معنى (الأول)، فقال: (وأما التقدم الزماني فباطل ، لأن الزمان أيضاً ممكن ومحدث ، أما
أولاً فلما بينا أن واجب الوجود لا يكون أكثر من واحد ، وأما ثانياً فلأن أمارة
الإمكان والحدوث فيه أظهر كما في غيره لأن جميع أجزائه متعاقبة ، وكل ما وجد بعد
العدم وعدم بعد الوجود فلا شك أنه ممكن المحدث ، وإذا كان جميع أجزاء الزمان
ممكناً ومحدثاً والكل متقوم بالأجزاء فالمفتقر إلى الممكن المحدث أولى بالإمكان
والحدوث ، فإذن الزمان بمجموعه وبأجزائه ممكن ومحدث ، فتقدم موجده عليه لا يكون
بالزمان ، لأن المتقدم على جميع الأزمنة لا يكون بالزمان ، وإلا فيلزم في ذلك
الزمان أن يكون داخلاً في مجموع الأزمنة لأنه زمان ، وأن يكون خارجاً عنها لأنه
ظرفها ، والظرف مغاير للمظروف لا محال ، لكن كون الشيء الواحد داخلاً في شيء
وخارجاً عنه محال ، وأما ثالثاً فلأن الزمان ماهيته تقتضي السيلان والتجدد ، وذلك
يقتضي المسبوقية بالغير والأزل ينافي المسبوقية بالغير ، فالجمع بينهما محال ،
فثبت أن تقدم الصانع على كل ما عداه ليس بالزمان ألبتة)
والعلم
الحديث يؤكد هذا، فهو يذهب إلى أن الزمان كالمكان كلاهما حادث.
[112] هذا الكلام المهم
للفخر الرازي في التفسير الكبير.
[116] لا نريد بالمعتزلي
هنا الفرقة المعروفة.. إنما ذكرنا هذا هنا من باب السخرية من القضايا التي فرقت
الأمة مع كونها لا تستحق كل ذلك العناء.
[117] أشير هنا إلى مدرسة
أهل الحديث والتي قعد قواعدها ابن تيمية وغيره، قد كنت ذكرت تفاصيل آرائها في
الطبعة السابقة، لكني عدلت عن ذكرها هنا، لأنا شرطنا في هذه السلسلة الجديدة ألا
نذكر إلا ما يتوافق فيه المنقول مع المعقول، وآراء أهل الحديث في هذه المسألة
تصطدم مع كليهما.
[118] أشير به إلى أبي جعفر الاَحول، الصيرفي، الكوفي، وهو حمد بن علي بن
النعمان بن أبي طريفة البجلي بالولاء (ت 160 هـ)، المتكلّم المناظر الفقيه الملقب
بمؤَمن الطاق، أو (صاحب الطاق) ، وإنّما سمّي بالطاق لاَنّه كان صيرفياً في (طاق
المحامل) من أسواق الكوفة.
وكان
رأساً في العلم والعمل، ثقة، كبير الشأن.. صحب الاِمام جعفر الصادق، وأخذ عنه
العلوم والمعارف، وروى عنه، كما عدّ من أصحاب الاِمام موسى الكاظم.
وكان
من أحذق أصحاب الصادق، ومن أحبّ الناس إليه، وقد صحّ عنه أنّه كان يقول: (أربعة
أحبّ الناس إليّ أحياءً وأمواتاً: بُريد بن معاوية البجلي، وزرارة بن أعين، ومحمد
بن مسلم، وأبو جعفر الاَحول)
كان
أبو جعفر كثير العلم، متفوّقاً في معارفه، قوياً في حجته، تعددت فيه نواحي
العبقرية والنبوغ، فهو عالم بالفقه والكلام والحديث، ذكره ابن النديم، فقال: (كان
حسن الاعتقاد والهدي، حاذقاً في صناعة الكلام، سريع الخاطر والجواب)
وكان
يتمتع بشخصية فذة، ذا فهم ثاقب وفطنة وذكاء، وكان معروفاً بعلم الكلام وقوة
الحجّة، وكثرة المناظرة وخاصة في مسألة الاِمامة، حيث كان محبّاً لاَهل البيت
منقطعاً إليهم، مجاهراً ـ برغم قسوة الظروف وجور الحكام ـ في القول بفضلهم، وكان
يتفوّق دائماً في مناظراته لما عُرف به من سرعة الجواب، وقوة العارضة، وقد ذكر له
ابن النديم والخطيب البغدادي وغيرهما عدة مناظرات، فمن أرادها فليرجع إلى كتبهم.
وننبه
إلى أن بعض خصومه نسبوا إليه جملة من الاَقوال والآراء التي لا تليق بعقيدته وشأنه
كزعمهم بأنّه كان من المشبهة، وانّه كان يقول: إنّ اللّه تعالى إنّما يعلم
الاَشياء إذا قدرها، والتقدير عند الارادة، وللاِرادة فعل، إلى غير ذلك من المزاعم
التي هو منها بريء، والتي لم تثبت.. وإنما ذكرناه هنا لأجل بيان فضله وتنزيهه مما
نسب إليه.
[119] السبع هنا على سبيل المثال لا على سبيل الحصر، وهو ما جرينا عليه في
(رسائل السلام) من دلالة السبع على المثال لا على الحصر، بخلاف الأربع التي
اعتبرناها دالة على الحصر.
[125] استفدنا الكثير من
المعلومات الواردة هنا من كتاب (دلالة الأسماء الحسنى على التّنزيه)، إعداد: د / عيسى بن عبد الله
السّعدي، كليّة التربية بالطائف / قسم الدراسات الإسلاميّة.
[126] وهو في أحد
التّفسيرين بمعنى الَّذي أمن عذابه من لا يستحقّه.
[135] أشير به إلى (أَرسْطو) (384 - 322ق.م) كان من أعظم فلاسفة عصره وأكثرهم علما ومعرفة ويقدر ما اصدر من
كتابات بـ 400 مؤلف ما بين كتاب وفصول صغيرة.. وتنقسم مؤلفاته إلى ثلاث مجموعات: 1- المؤلفات الشعبية، وقد كانت لعامة الجمهور خارج مدرسته.. 2-
المذكرات، وهي تصنيفات من مواد البحوث والسجلات التاريخية أعدَّها بمساعدة
تلاميذه؛ لتكون مصدرًا للمعلومات التي يحتاجها العلماء الدارسون.. 3- المقالات..
وهي تمثل تقريبًا كلَّ مؤلفات أرسطو التي سَلمت من الضياع وبقيت حتى الآن.. وقد
كانت المقالات مؤلفةً للطلاب داخل المدرسة فقط.
[136] أشير به إلى (محمّد الباقر) ( 57 ـ 114هـ)، وهو ابن علي بن الحسين
بن علي بن أبي طالب خامس أئمة أهل البيت بجسب مذهب الإمامية.
قال
النووي: سمّي بالباقر، لاَنّه بقر العلم، أي شقّه، فعرف أصله وخفاياه.
وقد
عاش الباقر في مطلع صباه، المحنة الكبرى التي مرّت على أهل البيت في كربلاء، وشاهد
بعدها المصائب التي حلّت بأهل البيت، ومحبيهم من الحكام الطغاة فاتجه في ذلك الجو
المشحون بالظلم إلى الدفاع عن مبادىَ الاِسلام، ونشر تعاليمه، فالتفّ حول الاِمام
الآلاف من العلماء، وطلاب العلم لدراسة الفقه، والحديث، والتفسير، والفلسفة،
والكلام، وغير ذلك من العلوم حتى أُطلق على تلك الحلقات التي كانت تجتمع في مسجد
المدينة اسم الجامعة.
قال
الشيخ محمد أبو زهرة: وما زار أحد المدينة إلاّ عرّج على بيت محمد الباقر يأخذ
عنه، وكان ممّن يزوره من يتشيّعون لآل البيت في السر، ومن نبتت في نفوسهم نابتة
الانحراف، إذا فرخت في خلايا الكتمان الذي ادرعوا به، آراء خارجة عن الدين، فكان
يصدّهم، ويردّهم منبوذين، مذمومين. وكان يقصده أئمة الفقه كسفيان الثوري، وسفيان
بن عيينة وأبي حنيفة شيخ فقهاء العراق. وكان يرشد من يجيء إليه وقد أحصى الشيخ
الطوسي في رجاله ستاً وستين وأربعمائة ممّن روى عن الباقر.
حدّث
عنه: أبان بن تغلب الكوفي، وأبو حمزة الثمالي، والحكم بن عُتيبة، وربيعة الرأي،
والاَعمش، وزرارة بن أعين، وعبد اللّه بن عطاء، وعبد الرحمن الاَعرج، والاَوزاعي،
ومؤَمن الطاق، وخلق كثير.
قال
فيه حقه عبد اللّه بن عطاء: ما رأيت العلماء عند أحد أصغر علماً منهم عند أبي جعفر
الباقر، لقد رأيت الحكم عنده كأنّه متعلّم. ويعني الحكم بن عتيبة.
وعن
سلمة بن كهيل: في قوله تعالى:﴿ لآياتٍ للمُتَوَسِّمِين ﴾ (الحجر:75)، قال: كان أبو
جعفر منهم.
وقال
ابن سعد: (كان عالماً عابداً ثقة، وروى عنه الاَئمة أبو حنيفة وغيره)
وقال
ابن كثير: (كان ذاكراً خاشعاً صابراً، وكان من سلالة النبوة، رفيع النسب، عالي
الحسب، وكان عارفاً بالخطرات، كثير البكاء والعبرات، معرضاً عند الجدال والخصومات)
وقال
الذهبي: (وكان أحد من جمع العلم والفقه والشرف والديانة والثقة والسوَدد، وكان
يصلح للخلافة)
وقال
كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي: (هو باقر العلم وجامعه، وشاهر علمه ورافعه،
متفوق درّه وراضعه، ومنمق دُرّه وواضعه، صفا قلبه، وزكا عمله، وطهرت نفسه، وشرفت
أخلاقه، وعمرت بطاعة اللّه أوقاته، ورسخت في مقام التقوى قدمه، فالمناقب تسبق
إليه، والصفات تشرف به)
وممّا
أثر عنه من الحكم والمواعظ قوله: (عالم ينتفع بعلمه أفضل من ألف عابد)
وقال:
(إنّ اللّه خبأ ثلاثة أشياء في ثلاثة أشياء: خبأ رضاه في طاعته، فلا تحقرنّ من
الطاعة شيئاً، فلعل رضاه فيه، وخبأ سخطه في معصيته، فلا تحقرنّ من المعصية شيئاً،
فلعل سخطه فيه، وخبأ أولياءه في خلقه، فلا تحقرنّ أحداً فلعلّه ذلك الولي)
وقال:
(إنّ أسرع الخير ثواباً البرّ، وأسرع الشر عقوبة البغي، وكفى بالمرء عيباً أن يبصر
من الناس ما يعمى عليه من نفسه، وأن يأمر الناس بما لا يستطيع أن يفعله، وينهى
الناس بما لا يستطيع أن يتحول عنه، وأن يوَذي جليسه بما لا يعنيه)
قال
ابن كثير: هذه كلمات جوامع موانع، لا ينبغي لعاقل أن يغفلها. (انظر: موسوعة أصحاب
الفقهاء)
[137] أقصد بها الفلسفة.. فكلمة (فلسفة) مشتقة من اللغة اليونانية
القديمة، وقَدْ تُترجمُ بـ (حبّ الحكمة).. والفلاسفة في العادة يكونون متشوّقين
لمعرفة العالم، والإنسان، والوجود، والقيم..
[140]هو من أشهر الفلاسفة
السوفسطائيين، وتعد آراؤه مصدراً لمذهب هؤلاء الفلاسفة، ولد في مدينة أبديرا حوالي
عام 480 ق.م.. وقد طاف في أنحاء اليونان، ثمّ استقر به المقام في أثينا، و ضع ً
كتابا بعنوان (الحقيقة) شكك فيه في وجود الآلهة، اعتبر الإنسان مقياس الأشياء
جميعاً، ولكون أفراد الناس كثيرين فإنّ إحساسات الناس متعددة ومتناقضة أحيانا ً،
والحواس هي وسيلة الإدراك الوحيدة ومالا يدرك بها فليس موجوداً.جاء في أول كتابه:
(لا أستطيع أن أعلم إن كانت الآلهة موجودة أم غير موجودة، فإنّ أموراً كثيرة تحول
بيني وبين هذا العلم، أخصها غموض المسألة وقصر الحياة)، وقد اتُهم بسبب ذلك
بالإلحاد، وحكم عليه بالإعدام، وأحرقت كتبه علناً، ففر هارباً، ومات ً غرقا أثناء
فراره سنة 410 ق.م(انظر الفلسفة اليونانية د.بيصار ص 72)
[141] الحق في اللغة اسم للموصوف بالحقية وإظهار الحقيقة، وهو يأتي على
عدة معان ، منها المطابقة والموافقة ، ومنها الثبات دون الزوال ، ومنها المتوحد
عمن سواه خلاف الشرك والظلم.. والله سبحانه وتعالى في حق ذاته باق لا يزول.. وسنته
ثابتة جارية لا تحول.. ودينه ثابت في كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من
خلفه.. وكل صفاته حق فهي كاملة جامعة للصدق، فيها الكمال والجمال والجلال.
[142] استفدنا التقريبات
والتوضيحات المذكورة هنا من شرح العلامة محمد راتب النابلسي لشرح أسماء الله
الحسنى من خلال دروسه الصوتية المنتشرة بكثرة على النت.
[144] (طاليس) (550 -624ق.م) وهو من أَوّل وأشهر فلاسفة اليونان، وهو أحد
الحكماء السبعة، درس العلوم دراسة عميقة، عمل مهندساً بحرياَ، واستطاع أن يضع
تقويماً بحرياً للملاحين يحتوي على إرشادات وقواعد فلكية كانت لها آثارها القيمة
في تاريخ الملاحة البحري. (انظر الفلسفة اليونانية:بيصار ص 55 ، الفلسفة اليونانية
حتى أفلاطون:د.عزت قرني ص.24)
[145] هو يريد بهذا أن الماء هو مبدأ التركيبات الجسمانية، لا المبدأ
الأول في الموجودات العلوية.. لكنه لما أعتقد أنّ العنصر الأول هو قابل كل صورة ،
أي منبع الصور كلها ، فأثبت في العالم الجسماني له مثالا يوازيه في قبول الصور
كلها، ولم يجد عنصراً على هذا النهج، مثل الماء فجعله المبدع الأول في المركبات،
وأنشأ منه الأجسام والأجرام السماوية والأرضية.( الملل والنحل 3/121)
[146] انظر درس النابلسي
في شرح اسم الحي في موقعه على الانترنت.
[147] هو (أنكسماندريس)
(547 -611 ق.م) فيلسوف مالطي، وهو ثاني فلاسفة المدرسة (اليونية).
[149] هو (فيثاغورث بن
منسارخس) ولد سنة572 ق.م في جزيرة ساموس من بلاد اليونان، سافر فيما بعد إلى مصر
ثم استقر في جنوب إيطاليا وهناك أسس مدرسته.( الفلسفة اليونانية:د.بيصار، ص60)
[151] وقد نص على هذا الاسم في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، منها قوله
تعالى: ﴿ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ﴾ (البقرة:137)
وقد
ورد ا مقرونا في الكتاب والسنة بأسماء أخرى كثيرة تحمل في اقترانها معان كبيرة،
فاقترن بالسميع والحكيم والعزيز والحليم والخلاق والقدير والفتاح والخبير..
وفي
الحديث أن من دعاء رسول الله
قوله: ( أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ العَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ مِنْ
هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ) (رواه أبو داود)
وهو
في اللغة من أَبنية المبالغة، عَلِيمٌ على وزن فعِيل، فعله عَلِم يعلم علما، ورجل
عالم وعَلِيمٌ، والعِلمُ نقيضُ الجهل.
ويجوز
أن يقال للإِنسان الذي عَلمه الله عِلما من العُلوم عَلِيم، كما قال يوسف - عليه
السلام - للملك: ﴿ اجْعَلنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظ عَلِيمٌ
﴾(يوسف:55)، وهو - عليه السلام - عليم على اعتبار محدودية علمه ومناسبته لقدره فهو
ذو علم وموصوف بالعلم كما قال - عز وجل -: ﴿ وَإِنَّهُ لَذو عِلمٍ لِمَا
عَلمْنَاهُ ﴾(يوسف:68)
[157] طبعا هذا من باب
التقريب وتيسير الفهم، أما الحقيقة فأعظم من أن نعرفها، أو نستطيع التعبير عنها.
[158] هو (وِلْيَم أوف أكام) (1284 - 1347م)، وهو فيلسوف وعالمُ لاهوت
إنجليزي.. كان أكثر المفكرين المدرسيين تأثيرًا في القرن الرابع عشر الميلادي.
وأدَّت مواقفه تجاه المعرفة والمنطق والاستقصاء العلمي دورًا رئيسيًا في الانتقال
من فكر القرون الوسطى إلى الفكر الحديث.
[159] وقد ورد في قوله تعالى: ﴿ ليْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ
السَّمِيعُ البَصِيرُ ﴾(الشورى:11)، وقوله - عز وجل -: ﴿ إِنَّ اللهَ كَانَ
سَمِيعاً بَصِيراً ﴾(النساء:58)، وقد ورد الاسم مقترنا باسم الله العليم في أكثر
من ثلاثين موضعا، ومقترنا باسم الله البصير في أكثر من عشرة مواضع، ومقترنا باسم
الله القريب في قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى
نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ
قَرِيبٌ ﴾(سبأ:50)
وهو
في اللغة على وزن فَعِيل من أبْنِيةِ المُبالغة، ويعني في حقنا ما وَقر في الأُذن
من شيء تسمعه، وهو بالنسبة لله تعالى يعبر به عن القوة التي بها يدرك الأصوات كما
في قوله: ﴿ خَتَمَ الله عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ ﴾(البقرة:7)
ويطلق
كذلك على الفهم كما قال تعالى: ﴿ قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ﴾(البقرة:93)، أي
فهمنا قولك ولم نأتمر بأمرك.
ويطلق
كذلك على السمع الذي يتعلق بمشيئته سبحانه، والذي فيه إجابة الدعاء أو إسماع من
يشاء، وفي الحديث قال : ( وَإِذَا
قَالَ سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ) (رواه
مسلم)، وقال : ( اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ
بِكَ مِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ، وَدُعَاءٍ لاَ يُسْمَعُ، وَمِنْ نَفسٍ لاَ
تَشْبَعُ، وَمِنْ عِلمٍ لاَ يَنْفَعُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَؤُلاَءِ الأَرْبَعِ)
(رواه الترمذي)
[160] أشير به إلى زينون الرُّواقي (335 ؟ - 265 ؟ ق.م)، وهو مؤسِّس
الفلسفة الرواقية في أثينا. ولد زينون في مدينة سيشيوم بجزيرة قبرص. ويُذكر أنه
كان في الأصل تاجراً، لكن تجارته تدهورت كما أنه فقد كل ممتلكاته ورحل إلى أثينا
في عام 314 ق.م. ومكث زينون هناك حيث درس الفلسفة وكان يلتقي بتلامذته في رواق،
وهو الاسم الذي اشتُق منه اسم المذهب الرواقي.
وقد أدرك زينون أن من الحماقة أن يحاول المرء أن يشكِّل ظروفه طبقاً
لرغباته، فالكون لايسير سيرة آلة عمياء. ولكنه إبداع إلهي يهدي الأشياء ويوجِّهها
ويتحكم فيها لتصل في النهاية إلى كل ما هو طيب وحسن. ولابد للعقلاء من الناس أن
يوائموا رغباتهم مع طبيعة الأحداث. وسوف يجد هؤلاء سعادتهم في التحرر من الرغبة
والتحرر من الخوف من الشرور والآثام وفي إدراك أنهم يعيشون في تناغم وانسجام مع
الغرض الإلهي الذي يواجه الأشياء. وقد انتشرت الفلسفة الرواقية في روما وازدهرت
هناك طوال عدد من القرون بعد الميلاد. (انظر: الموسوعة العربية العالمية)
ومعناه
واضح، فالله تعالى يسمع كل شيء، ولا يعزب عن سمعه شيء في الأرض ولا في السماء.
وقد
يطلق البصر والرؤية ويراد بها القبول، كما قال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ لا خَلاقَ
لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ الله وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾(آل عمران:77)
[163]هو أفلوطين (205 - 270م) كان مؤسس المدرسة اليونانية الفلسفية التي
تُعرف باسم الأفلاطونية المحدثة.. عرف بغزارة العلم، كان يجتمع إليه في مجلسه
العلماء والكبراء وتتلمذ له كبار الساسة.. وقد أطلق العرب على مذهبه مذهب الإسكندرانيين،
وأطلق عليه الشهرستاني (الشيخ اليوناني)
بدأ
أفلوطين كتابة مؤلفاته وهو في سن الخمسين تقريباً، وكان يعهد إلى تلميذه
(فورفوريوس) مراجعة ما يكتب. وقد ترك مجموعة من الرسائل الفلسفية، لكنها لم تقدم
عرضاً منظماً ومرتبا لفلسفته، بل كانت مجرد شروح لنصوص أفلاطونية أو أرسطية أو
رواقية، أو أجوبة لأسئلة وردت على واحد منها. جمع فورفوريوس رسائل أستاذه أفلوطين
بعد وفاته في ستة أقسام، وفي كل قسم منها تسع رسائل وقدم لها بترجمة له، ولهذا
عرفت بالتاسوعيات.(انظر: الفلسفة اليونانية:بيصار ص.154 -153)
[166]حيث أنه كان يقول
بأن الباري تعالى أزلي لا أول له ولا آخر، هو مبدأ الأشياء، ولا بدء له، هو المدرك
من خلقه، أ نّه هو فقط، وأنه لا هوية تشبهه، وكل هوية فمبدعة منه، هو الواحد ليس
كواحد الأعداد، لأنّ واحد الأعداد يتكثر وهو لا يتكثر، وكل مبدع ظهرت صورته في حد
الإبداع، فقد كانت صورته في علمه الأول.
القادر: كما قال تعالى:﴿ قُلْ هُوَ القادر على أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً
مّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ﴾ ( الأنعام: 65)، وقال في أول سورة
القيامة:﴿ أَيَحْسَبُ الإنسان أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ بلى قادرين على أَن
نُّسَوّىَ بَنَانَهُ ﴾ ( القيامة: 3 ، 4)، وقال في آخر السورة:﴿ أَلَيْسَ ذَلِكَ
بقادر على أَن يُحْيِىَ الموتى ﴾ ( القيامة: 40)
القدير: قال تعالى:﴿ تَبَارَكَ الذى بِيَدِهِ الملك وَهُوَ على كُلّ شَىْء
قَدِيرٌ ﴾ ( الملك: 1) وهذا اللفظ يفيد المبالغة في وصفه بكونه قادراً.
المقتدر: قال تعالى:﴿ وَكَانَ الله على كُلّ شَىْء مُّقْتَدِرًا ﴾ ( الكهف:
45) وقال:﴿ فِى مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرِ ﴾ ( القمر: 55)
[173] هذه شبهة كثيرا ما
يطرحها الملاحدة، والإجابات عن ذلك كثيرة وخلاصتها ترجع لما ذكرناه هنا، وهي
منقولة بتصرف من محال مختلفة.
[174] أشير به إلى نعوم
تشومسكي (ص) (1928 -) عالم لغويات أمريكي
يهودي من أصل يديشي، ويُعَدُّ من أهم المفكرين اللغويين والسياسيين النشيطين في
العالم في النصف الأخير من القرن العشرين، ويضعه البعض في مصاف كبار المفكرين مثل
جان بياجيه وكلود ليفي شتراوس (وربما ماركس وفرويد) بالنظر إلى ما أحدثه من ثورة
في علم اللغويات والعلوم الإنسانية ككل، فهو جزء مما يُسمَّى (الانقلاب البنيوي
التوليدي)، وما يُسمَّى أيضاً (الثورة الإدراكية أو المعرفية) الذي تصدى للاتجاه
التجريبي الوضعي. وتشير بعض الدراسات إلى (الثورة التشومسكية) في ميدان علم اللغة
والإنسانيات. (انظر: الموسوعة اليهودية)
بالإضافة
إلى عمله في اللغويات، فشومسكي معروف على نطاق واسع كناشط سياسي، ولنقده للسياسة
الخارجية للولايات المتحدة والحكومات الأخرى. ويصف شومسكي نفسه بأنه اشتراكي
تحرري، وكمتعاطف مع التضامنية اللاسلطوية (وهو عضو في نقابة عمال العالم
الصناعيين) وكثيراً ما يُعتبر منظراً رئيسياً للجناح اليساري في السياسة
الأمريكية.
وحسب
فهرس مراجع الفنون والإنسانيات، بين 1980 و 1992 ذكر اسم شومسكي كمرجع أكثر من أي
شخص آخر حي، وكثامن شخص على الإطلاق.
[175]ذكر الفخر الرازي الوجوه التي جاء بها تكليم الله لعباده في القرآن
الكريم، فذكر:
اللفظ
الأول: الكلام ، وفيه وجوه: الأول: لفظ الكلام ، قال
تعالى:﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مّنَ المشركين استجارك فَأَجِرْهُ حتى يَسْمَعَ كَلاَمَ الله
﴾ ( التوبة: 6) الثاني: صيغة الماضي من هذا اللفظ ، قال تعالى:﴿ وَكَلَّمَ الله
موسى تَكْلِيماً ﴾( النساء: 164) وقال:﴿ وَلَمَّا جَاء موسى لميقاتنا وَكَلَّمَهُ
رَبُّهُ ﴾ ( الأعراف: 143) الثالث: صيغة المستقبل ، قال تعالى:﴿ وَمَا كَانَ
لِبَشَرٍ أَن يُكَلّمَهُ الله إِلاَّ وَحْياً ﴾ ( الشورى: 51).
اللفظ
الثاني: القول ، وفيه وجوه: الأول: صيغة الماضي ، قال
تعالى:﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ للملائكة ﴾ ( البقرة: 30) ونظائره كثيرة في القرآن ،
الثاني: صيغة المستقبل ، قال تعالى:﴿ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ ﴾ (
البقرة: 68) الثالث: القيل والقول ، قال تعالى:﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ الله قِيلاً
﴾ ( النساء: 122) وقال تعالى:﴿ مَا يُبَدَّلُ القول لَدَىَّ ﴾ ( ق: 29)
اللفظ
الثالث: الأمر ، قال تعالى:﴿ لِلَّهِ الأمر مِن قَبْلُ
وَمِن بَعْدُ ﴾ ( الروم: 4) وقال:﴿ أَلاَ لَهُ الخلق والأمر ﴾ ( الأعراف: 54) وقال
حكاية عن موسى عليه السلام:﴿ إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً ﴾
( البقرة: 67).
[177] استفدنا في هذا المطلب
من كتاب (مسألة الكلام الالهي بين الشيعة الاثنا عشرية وأهل السنة دراسة نقدية في
ضوء معطيات العلم الحديث)، للدكتور مصعب الإدريسي.
[178] اختلفت المدارس
الإسلامية في هذا، ونرى أنه خلاف لفظي لا يمكن بسطه هنا.
[179] نرى أن هذا من أحسن
الأجوبة في مسألة (خلق القرآن)، وهي من مسائل الفضول التي فرقت الأمة، ولا علاقة
لأي جواب فيها بالسنة والبدعة، بل أحسن جواب فيها هو السكوت عن الكلام فيها..
أما
ما يذكره بعضهم عن أحمد من قوله: (من زعم أن القرآن مخلوق فهو جهمي كافر، ومن زعم
أن القرآن كلام الله ووقف ولم يقل ليس بمخلوق فهو أخبث من قول الأول، ومن زعم أن
ألفاظنا به وتلاوتنا له مخلوقة والقرآن كلام الله فهو جهمي، ومن لم يكفر هؤلاء
القوم كلهم فهو مثلهم)
وما
رووا عنه من قوله: (الجهمية افترقت ثلاث فرق فقالت طائفة منهم: القرآن كلام الله
مخلوق وقالت طائفة: القرآن كلام الله وسكتت وهي الواقفة الملعونة!! وقال بعضهم:
ألفاظنا بالقرآن مخلوقة، فكل هؤلاء جهمية كفار! يستاتبون فإن تابوا وإلا قتلوا)!!
و (.. أن من هذه مقالته إن لم يتب لم يناكح ولا يجوز قضاؤه ولا تؤكل ذبيحته)!!
أو ما
رواه المروذي عنه من قوله: قلت لأبي عبد الله - يعني أحمد بن حنبل- إن الكرابيسي
-أحد علماء الشافعية- يقول: من لم يقل لفظه بالقرآن مخلوق فهو كافر، فقال أحمد: بل
هو الكافر)
أو ما
روي من استحلال دم من يقول بخلق القرآن، وأنه لا يُسمع مِمَّن لم يكفرهم ولا يسلم
عليه ولو كان من الأقارب ولا تشهد لهم جنائز ولا يعادون في مرضهم!!
وغير
ذلك، فنرى أنه من غلو الأتباع، فالإمام أحمد كان أعظم شأنا في أن يقع في مثل هذا..
وإن
صح عنه النقل بذلك، فهو من الأخطاء الشنيعة.. فالإسلام أوسع من أن يحصر في مثل هذه
المسائل الفضولية.
وننبه إلى أن ما أوردنا هنا من جواب الغزالي هو الضرورة التي دعت
إليها هذه الرسائل.
[180] أشير به إلى (شنْكَراجاريا) (700- 750م)، وهو فيلسوف هندوسي، من
أبرز أعماله تعليقاته على الفيدا في الكتابات المقدسة الهندوسية.. ولد في كيرالا
جنوب الهند.. مارس إنكار الذات وتعلم مبكرًا في حياته التوقف عن المتع الدنيوية
ومباهجها وقد كرس نفسه للدراسة والمناقشات الفلسفية والتعليم الديني.. وقد ذاعت
شهرة هذا المعلم الجوال في كل أنحاء الهند.. أسس خلال تجواله أربعة أديرة في
بادريناث بالهملايا، وشرنجيري في مايسور ودواركا في غربي الهند، وبيوري في شرق
الهند.
[181] البرهان على هذا
ملخص بتصرف كبير من رسالة (مشكاة الأنوار) للغزالي، وقد حاولنا أن نبعد عن البرهان
ما رأينا أنه من آثار الفلسفة الإشراقية.
[182] ذكرنا التفاصيل
الكثيرة المرتبطة بهذا في فصل (العقل) من رسالة (سلام للعالمين) من هذه السلسلة.
[183] أشير به إلى بينيديتو كروتشي، Croce, Benedetto (1866-1952م)، وهو فيلسوف إيطالي يُعدّ
من أكثر فلاسفة إيطاليا تميزًا في القرن العشرين.. وكان يؤمن بوجود نوعين من
المعرفة: المعرفة التي تأتي عن طريق الفهم، والمعرفة التي تأتي عن طريق الخيال..
والخيال عنده يوجِّه الفن.. وكان يؤمن بأن الفن لا يحاول تصنيف الأشياء، كما يفعل
العلم، لكنه يُحسّ بها ويمثلها فقط.
من أهم
كتبه: علم الجمال (1902م)؛ الفلسفة العملية (1908م)؛ المنطق (1909م)؛ التاريخ
بوصفه قصة الحرية (1938م)
ولد
في بيسكا سيرولي بالقرب من بيسكارا، وعين في منصب سيناتور عام 1910م، وساعد في
إصلاح المدارس الإيطالية في العشرينيات، وكان من المناوئين لحكومة بنيتو موسوليني
الفاشية، وزعيمًا للدوائر الليبرالية الفكرية في إيطاليا. (الموسوعة العربية
العالمية)
[184] علم لجمال: هو فرع من فروع الفلسفة الحديثة، وهو يدرس طبيعة الشعور
بالجمال والعناصر المكونة له والكامنة في العمل الفني.. ويدرس الفنون بوجه عام،
كما يقارن بين فنون الثقافات المختلفة، وثقافات الحقَب المختلفة في التاريخ، وذلك
لتنظيم معرفتنا المنهجية لها. (انظر: الموسوعة العربية العالمية)
[185] بعض ما نذكره هنا مقتبس من كتاب (العلم في منظوره الجديد) الذي سبق
الإشارة إليه.
[186] أشير به إلى الإمام الجليل (محمد بن علي الرضا) (195ـ220هـ) المعروف
بالجواد، وهو تاسع أئمّة أهل البيت – على مذهب الاثنا عشرية- ويقال له ابن الرضا.
قال
عنه الذهبي: كان من سَروات آل بيت النبي ، وكان أحد الموصوفين
بالسخاء، ولذلك لقب بالجواد..
قال
المفيد: كان المأمون قد شغف بأبي جعفر لما رأى من فضله على صغر سنّه، وبلوغه في
الحكمة والعلم والاَدب وكمال العقل مالم يساوه فيه أحد من مشائخ أهل الزمان.
و
للاِمام - بالاِضافة إلى ما روي عنه من فقه وحديث - مواعظ وحكم وآداب وبعض
الاَدعية ذكرها الاَعلام في كتبهم، منها: قوله:(الموَمن يحتاج إلى ثلاث خصال:
توفيق من اللّه وواعظ من نفسه وقبول ممن ينصحه)، وقال: (من أصغى إلى ناطق فقد
عبده، فإن كان الناطق عن اللّه فقد عبد اللّه، وإن كان الناطق ينطق عن لسان إبليس
فقد عبد إبليس)، وقال: (من استفاد أخاً في اللّه فقداستفاد بيتاً في الجنة) (انظر:
موسوعة أصحاب الفقهاء)
[187] ذكرنا الكثير مما
ورد في القرآن الكريم والسنة المطهرة من الحديث عن الماء في رسالة (معجزات علمية)
من هذه السلسلة، وإنما ذكرنا هذا هنا ليكون تمهيدا للحديث عن اسم (البديع)
[188] ذكرنا التفاصيل
العلمية الكثيرة الدالة على هذا في رسالة (معجزات علمية) من هذه السلسلة.
[191] انظر: الله جل
جلاله، لسعيد حوى.. وقد سبق ذكر بعض هذه الأدلة في الفصل الأول.
[192] انظر تفاصيل أكثر
عن هذا الدليل في رسالة (معجزات علمية) من هذه السلسلة.
[193] ذكرناها هنا
باعتبارها نموذجا نراه، ويمكن تطبيقه على سائر مصادر الطاقة في الكون.
[194] سبق التعريف به في الفصل الأول من هذه الرسالة.
[195] وهي نظرية التّطور أو الداروينية.. وقد ذكرنا الرد المفصل عليها في
رسالة (معجزات علمية) من هذه السلسلة.. وسنذكر بعض الردود عليها مختصرة هنا، وهي
مقتبسة بتصرف من كتابات هارون يحي.
[196] طبعا هذا من باب
السخرية، ويجوز مثله في المناظرات.
[197] انظر: من آيات الله في الحيوانات، الأستاذ محمد محمد معافى علي،
موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
[198]من الأخطاء التي وقعت فيها بعض الطوائف زعمهم بأن من مقتضيات كون
الله خالقا أن يخلق في الأزل، وهو قول مناف لمشيئة الله المطلقة، فمشيئة الله لا
يقال لها: افعلي أو لا تفعلي.
وقد
غاب عن هؤلاء أن ( السيف يسمى قاطعا وهو في الغمد، ويسمى قاطعا حالة حز الرقبة،
فهو في الغمد قاطع بالقوة وعند الحز قاطع بالفعل، والماء في الكوز مرو، ولكن
بالقوة وفي المعدة مرو بالفعل، ومعنى كون الماء في الكوز مرويا أنه بالصفة التي
بها يحصل الإرواء عند مصادفة المعدة، وهي صفة المائية، والسيف في الغمد قاطع أي هو
بالصفة التي بها يحصل القطع إذا لاقى المحل، وهي الحدة إذ لا يحتاج إلى أن يستجد
وصفا آخر في نفسه) (المقصد الأسنى: 36)
وكذلك،
ولله المثل الأعلى، صفة الخالق لله تعالى، فهو خالق في الأزل بالمعنى الذي به يقال
الماء الذي في الكوز مرو، وفي السيف أنه قاطع.
ومن
الخطأ الكبير أن يقال له ـ تعالى وتقدس ـ:( ما دمت خالقا، فلا بد أن تخلق)
[199] إحياء علوم الدين، بتصرف.. وقد أنكر بعض المتكلمين على الغزالي هذا
المقولة، وذلك لعدم فهمهم لمراده منها، وقد ذكر ابن تيمية سر ذلك الإنكار، وبين
المعنى الصحيح لها، فقال: ( وما يحكي عن الغزالي أنه قال ليس في الإمكان أبدع من
هذا العالم ، لأنه لو كان كذلك ولم يخلقه لكان بخلا يناقض الجود أو عجزا يناقض
القدرة ، وقد أنكر عليه طائفة هذا الكلام ، وتفصيله أن الممكن يراد به المقدور،
ولا ريب أن الله سبحانه يقدر على غير هذا العالم وعلى إبداع غيره إلى ما لا يتناهى
كثرة ، ويقدر على غير ما فعله ، كما بين ذلك في غير موضع من القرآن ، وقد يراد به
أنه ما يمكن أحسن منه ولا أكمل منه فهذا ليس قدحا في القدرة ، بل قد أثبت قدرته
على غير ما فعله ، لكن قال ما فعله أحسن وأكمل مما لم يفعله ، وهذا وصف له سبحانه
بالكرم والجود والإحسان ، وهو سبحانه الأكرم فلا يتصور أكرم منه سبحانه وتعالى عما
يقول الظالمون علوا كبيرا)
وقد
ألفت في الجواب على هذه المقولة أو الرد عليها رسائل كثيرة من البقاعي والسيوطي
وغيرهما.. وسنعرض للمسألة بتفاصيلها في رسالة (أسرار الحياة) من هذه السلسلة.
[200] ذكر هذا النظم رشيد
رضا في تفسير المنار، وذكر أنه ألفه في عهد طلب العلم بطرابلس الشام.
[201] أشير به إلى
(تشارلز سذرلاند إلتون) (1900-1991م)، وهو عالم أحياء إنجليزي وُلد في مانشستر،
وتخرج في جامعة أكسفورد عام 1922م وعمل فيها إلى أن تقاعد في عام 1967م.. اشتُهر
بكونه رائد علم البيئة، وهو العلم الذي يُعنى بعلاقة الأحياء ببيئتها وعلاقة بعضها
ببعض.. فقد أدرك أن الحيوانات والنباتات لها متطلباتها الغذائية الخاصة، مما دعاه
إلى تطوير مفهوم البيئة الملائمة التي تنص على أن كل نوع من أنواع الكائنات الحية
له وظيفة خاصة ومكان خاص داخل بيئته.. فأشار إلى الحاجة إلى الكثير من النباتات
الخضراء لتأمين غذاء القليل من آكلات الأعشاب، والتي تقوم بدورها بتأمين غذاء عدد
أقل من آكلات اللحوم.. وقد أطلق إلتون على هذا الترتيب اسم الهرم الغذائي (انظر:
الموسوعة العربية العالمية).. ولا يخفى سر اختياره هنا.
[202] يعتبر بعض العلماء
الجهاز اللِّمفاوي جزءًا من الجهاز الدوري، لأن اللِّمف يأتي من الدم ، ويعود إليه.
[204]أشير به إلى جاليليو (1564 ـ 1642م)، وهو عالم فلكي وفيزيائي إيطالي.
كان يدعى مؤسس العلوم التجريبية المعاصرة. استخدم ولأول مرة التلسكوب الانكساري
بشكل فعّال لكشف حقائق جديدة ومهمة عن علم الفلك. اكتشف أيضًا قانون الأجسام
المتساقطة وقانون البندول. كما طور التلسكوب الانكساري وحسّنه. (انظر: الموسوعة
العربية العالمية)
[205] استفدنا المعلومات
الواردة هنا من كتاب (خلق الكون) لهارون يحيى.
[206] الحياة بالمعنى
المتعارف عليه عندنا، وإلا فإن كل شيء حي كما ورد في النصوص المقدسة انظر: (أكوان
الله)
[207] انظر: كتاب رحيق العلم والإيمان، الدكتور أحمد فؤاد باشا.. وقد
ذكرنا هذا مع تفاصيل أخرى ترتبط به في رسالة (معجزات علمية) من هذه السلسلة.
[208] بيدرو الثاني (1825-1891م). تُوِّج ملكًا للبرازيل عام 1841م.
وبالرغم من أنه كان ابن 15عامًا، إلا أنه أحكم السيطرة على مقاليد الحكم، وحاز
تقديرًا واسعًا لفرط إنسانيته واعتداله.. واستطاعت البرازيل في سني حكمه أن تعاون
الأرجنتين في التخلص من طاغيتها خوان مانويل دي روزاس. وفي عام 1867م قام بيدرو
بفتح نهر الأمازون للتجارة الدولية.
وقامت
حكومة بيدرو مابين 1871 و1888م باستصدار قوانين لتحريم تجارة الرقيق. وبذلك فقد
الإمبراطور التأييد الذي كان يلقاه من كبار الملاك. وما لبث أن عزله الجيش من
السلطة عام 1889م وأقام جمهورية. (انظر: الموسوعة العربية العالمية)
[209] بيدرو الأول (1798-1834م). وهو أيضًا بيدرو الرابع للبرتغال، ابن
الملك جون السادس ملك البرتغال. ولد بلشبونة. ولكنه هرب إلى البرازيل عام 1807م،
مع العائلة المالكة خوفا من هجوم القوات الفرنسية. وأعلن وصيًّا على عرش البرازيل
عام 1821م. وفي العام التالي أُعلنت البرازيل استقلالها وصار بيدرو إمبراطورًا لها
في ظل دستورها الجديد. لكنه لم يقدر على مواصلة الحكم وفق الضوابط الدستورية،
فتنحى عن الحكم وسلم السلطة لابنه بيدرو الثاني. (انظر: الموسوعة العربية
العالمية)
[210] أشير به إلى الاِمام الهادي إلى الحقّ المبين، أبي الحسين يحيى بن الحسين
بن القاسم ابن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
ولد بالمدينة المطهرة سنة 245هـ ، وحمل إلى جده القاسم فوضعه في حجره المبارك وعوّذه،
وقال لابنه: بم سمّيته؟ قال: يحيى، وقد كان للحسين أخ يسمى يحيى توفي قبل ذلك، فبكى
القاسم حين ذكره وقال: هو واللّه، يحيى صاحب اليمن. ـ إلى أن قال: ـ أقام اللّه به
الدين في أرض اليمن وأحيا به رسوم الفرائض والسنن، فجدد أحكام خاتم النبيين، وآثار
سيد الوصيين.
قيامه سنة 280هـ،
وله مع القرامطة الخارجين عن الاِسلام نيف وسبعون وقعة كانت له اليد فيها كلها، ومع
بني الحارث نيف وسبعون وقعة ـ إلى أن قال: ـ وخطب له بمكة المشرفة سبعة سنين كما ذكر
ذلك في عمدة الطالب وغيره، وقبضه اللّه إليه شهيداً بالسم وهو في ثلاث وخمسين سنة ليلة
الاَحد لعشر بقين من ذي الحجّة سنة 298هـ، ودفن يوم الاِثنين في قبره الشريف المقابل
لمحراب جامعه الذي أسّسه بصعدة.
وهو مؤسس
ما عرف بالدولة الهادوية التي حكمت خلال الفترة (284 – 1006 هـ)، وهو جد سلالة الرسيين التي حكموا اليمن في فترات متقطعة حتى
عام 1962.( مجد الدين الموَيدي: شرح الزلف: 62 ـ 70 بتلخيص).
[211] جاء اسم (الملك) في القرآن على وجوه متعددة، هي:
المالك: قال الله تعالى:﴿ مالك يَوْمِ الدين ﴾
الملك: قال تعالى:﴿ فتعالى الله الملك الحق ﴾ ( طه: 114)، وقال:﴿ هُوَ
الله الذى لاَ إله إِلاَّ هُوَ الملك القدوس ﴾ ( الحشر: 23)، وقال:﴿ مَلِكِ الناس
﴾
وقد
ورد لفظ (الملك) في القرآن أكثر من ورود لفظ (المالك)، وقد علل ذلك بأن الملك أعلى
شأناً من المالك.
مالك
الملك: ، قال تعالى:﴿ قُلِ اللهم مالك الملك ﴾ ( آل
عمران: 26)
المليك: قال تعالى:﴿ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرِ ﴾ ( القمر: 55)
لفظ
الملك: قال تعالى:﴿ الملك يَوْمَئِذٍ الحق للرحمن ﴾ (
الفرقان: 26)، وقال تعالى:﴿ لَّهُ مُلْكُ السموات والأرض ﴾ ( البقرة: 107)
[232] الهزازون أو (Sh(ص)kers) أعضاء طائفة
مسيحية في الولايات المتحدة تسمى (الجمعية المتحدة للمعتقدين في العودة الثانية
للمسيح)، ويسمَّوْن الهزازين نظرا لأنهم كانوا في بداية تاريخهم يهتزون انفعالا
خلال طقوسهم الدينية.. أسست آن لي جماعة الهزازين في عام 1772م تقريبًا في مدينة
مانشستر بإنجلترا.
وتشمل
مبادئهم الأساسية النقاء العذري، والحب، والسلام، والعدل.. ولهذا اخترنا الحديث
عنهم هنا.
وهم
يعبرون عن هذه المبادئ من خلال ممارستهم حياة العزوبة، والأخوة العالمية الشاملة،
والامتناع عن العنف، واقتسام الممتلكات والبضائع.
وفي
عام 1774م، هاجرت آن لي وثمانية من تابعيها من إنجلترا، وفي عام 1776م استقروا في
ووترفليت بنيويورك. وجذبت نشاطات لي التنصيرية العديد من الأتباع.. وبدأوا في
تكوين مجتمعات أخرى للهزازين على نمط تعاليم لي بعد موتها في عام 1784م. وقد تأسست
جماعة الأم الكبرى للهزازين المسماة لبنان الجديدة في نيويورك عام 1787م.
وفي
حوالي عام 1850م تقريبًا، وعندما كان الهزازون في قمة شعبيتهم، عاش حوالي 6000 من
الأعضاء في مجتمعات تمتد من مين إلى كنتاكي. وتعكس عنايتهم بقراهم تأكيدهم على
الدقة في العمل والنظام، أما الاختراعات مثل المناشير الدائرية ومشابك الغسيل
فتعكس خيال الهزازين وبراعتهم.
ونظرًا
لأنهم لا يعتقدون في الزواج وإنجاب الأطفال، فقد اعتمد الهزازون على تبني الأطفال
للمحافظة على عدد جماعتهم. وبدأ عدد الهزازين في التناقص بعد انتهاء الحرب الأهلية
الأمريكية في عام 1865م. وتعيش القلة الباقية منهم ولا يتجاوز عددهم نحو 6 أشخاص
في ساباثدي ليك في ولاية مين، وكانتربري في ولاية هامبشاير. (انظر: الموسوعة
العربية العالمية)
[233] طبعا تختلف الفرق
المسيحية في الموقف من هذا.. ولكن قصدنا هو اتفاقها في الموقف من الفداء.
[234] هي قطر عربي إفريقي، يتكون من عدة جزر تقع في المحيط الهندي محصورة
ما بين أراضي قارة إفريقيا غربًا، وجزيرة مدغشقر شرقًا، أي أنها تقع عند المدخل
الشمالي لمضيق موزمبيق.
وهي
تتكون من أربع جزر بركانية كبيرة ورئيسية.. وهي في مقدمة جهات إفريقيا المدارية
التي دخلها الإسلام.. ولهذا، فإن معظم سكان هذه الجزر من المسلمين.
وقد
اخترناها هنا تنبيها على أهميتها من جهة، ولكون حاكمها الحالي حاكم مسلم ملتزم
داعية عادل، لكنه لا يجد أعوانا على الهمة العظيمة التي يحملها.
[235] أشير به إلى الإمام (علي الهادي) (212ـ 254هـ)، وهو الإمام العاشر
من الأئمة الاثني عشر – حسب مذهب
الإمامية – وهو ابن محمد
الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي السجاد
بن الحسين الشهيد بن علي أمير المؤَمنين.
كان
المثل الكامل للورع والاِيمان والتقوى، معظماً عند العامة والخاصة، ذا هيبة ووقار.
قال
ابن شهر آشوب: كان أطيب الناس بهجة، وأصدقهم لهجة، وأملحهم من قريب، وأكملهم من
بعيد، إذا صمت عَلَتْه هيبة الوقار، وإذا تكلّم سماه البهاء، وهو من بيت الرسالة
والاِمامة، ومقرّ الوصيّة والخلافة.
قال
اليافعي: كان متعبّداً فقيهاً، إماماً، استفتاه المتوكل.
وقال
ابن حجر: كان علي الهادي وارث أبيه علماً وسخاءً.
توفي
في زمن المعتز العباسي في الثالث من رجب، وقيل: لخمس بقين من جمادى الآخرة سنة
أربع وخمسين ومائتين، ودفن في داره بسامراء.. وذكر بعضهم أنه مات مسموماً. (انظر:
حياة الاِمام علي الهادي، وموسوعة أصحاب الفقهاء)
[256] للأسف، فإن المؤرخين المسلمين ـ ابتداء من الطبري وغيره ـ تأثروا
بالتاريخ الإسرائيلي، فراحوا ينقلونه حرفيا معتبرين أنه حقائق ثابتة، وقد نقله
عنهم كثير من كتاب قصص الأنبياء.
والناظر
في هذا التاريخ يكاد يحصر الخير والنبوة في محل معين من العالم.. وأن ما عداه كأنه
لا علاقة له بالله، ولا بالتكاليف.. وقد ورد في الحديث عن أبي ذر قال: قلت: يا
رسول الله، كم الأنبياء؟ قال: (مائة ألف وأربعة وعشرون ألفًا). قلت: يا رسول الله،
كم الرسل منهم؟ قال: (ثلاثمائة وثلاثة عشر جَمّ غَفِير) قلت: يا رسول الله، من كان
أولهم؟ قال: (آدم) قلت: يا رسول الله، نبي مرسل؟ قال: (نعم، خلقه الله بيده، ونفخ
فيه من روحه، ثم سَوَّاه قِبَلا) رواه ابن مردويه وغيره.
[257] يسيء كثير من المبشرين فهم مثل هذه النصوص، فيتصورون بذلك أن القرآن
الكريم الذي نص على تحريف كتبهم هو الذي دعاهم إلى الرجوع إليها، وأنهم بذلك على
الحق، وقد رددنا على هذه الشبهات بتفصيل في رسالتي (أنبياء يبشرون بمحمد)،
و(الكلمات المقدسة)
[276] وقد ورد في طرق أخرى ما يؤكد هذا، فقد روى أحمد والحكيم والطبراني
في الكبير عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده يرفعه قال: كان عبد من عباد الله آتاه
الله مالا وولدا، فذهب من عمره عمر وبقي عمر، فقال لبنيه: أي أب كنت لكم؟ قالوا:
خير أب، قال: إني والله ما أنا بتارك عند أحد مالا كان مني إليه إلا أخذته أو
تفعلون بي ما أقول لكم، فأخذ منهم ميثاقا قال: أما الاول فانظروا إذا أنا مت
فأحرقوني بالنار، ثم اسحقوني، ثم انظروا يوما ذا ريح فأذروني لعلي أضل الله، فدعي
واجتمع، فقيل: ما حملك على ما صنعت؟ قال: خشية عذابك، قال: استقل ذاهبا فتيب عليه.
[277] ذكرنا المسألة بتفاصيلها والأقوال الواردة فيها في رسالة (أسرار
الأقدار)، وقد اكتفينا هنا بذكر ما ترجح لدينا من الأقوال مما نرى انسجامه مع
العدالة الإلهية.
[278] وقد تكلم العلماء بالإنكار على هذه الأحاديث
واعتبارها من الضعف بحيث لا تنهض للاستدلال بها، وقد رد ابن كثير على ذلك بقوله:(
إن أحاديث هذا الباب منها ما هو صحيح كما قد نص على ذلك كثير من أئمة العلماء،
ومنها ما هو حسن، ومنها ما هو ضعيف يتقوى بالصحيح والحسن، وإذا كانت أحاديث الباب
الواحد متصلة متعاضدة على هذا النمط أفادت الحجة عند الناظر فيها) (تفسير ابن كثير: 5/58)
[281] الحديث طويل رواه البخاري ومسلم وعبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد
والنسائي والدارقطنى في الرؤية والبيهقي في الأسماء والصفات.
[282] الحديث طويل، وهو مروي في أكثر أصول السنة، وموضع الشاهد منه قوله r:( إنه يبدأ فيقول: أنا نبي ولا نبي
بعدي ثم يثني فيقول: أنا ربكم ولا ترون ربكم حتى تموتوا وإنه أعور وإن ربكم عز و
جل ليس بأعور وإنه مكتوب بين عينيه كافر يقرأه كل مؤمن كاتب وغير كاتب وإن من
فتنته أن معه جنة ونارا فناره جنة وجنته نار فمن ابتلي بناره فليستعن بالله وليقرأ
فواتح الكهف فتكون عليه بردا وسلاما كما كانت النار على إبراهيم)، وبهذا اللفظ راه
أبو داود وابن ماجه.
[322] أشير به إلى (جون ماسفيلد) (1878 ـ 1967م)، وهو شاعر وروائي وناقد
وكاتب مسرحي إنجليزي.. أصبح شاعر البلاط في إنجلترا عام 1930م لمدة 37 عامًا..
وُلد في مقاطعة هيرفورد ووستر.. ويشتهر بشاعر البحر، وشاعر تراب وغثاء الأرض وشاعر
الكسيح والأعرج والضرير في المطر والزمهرير.. وكثير من أعماله يدور حول الحب
والمأساة بين الناس في شروبشاير، وبين المتشردين ورجال البحر.
وقد
كتب أكثر من 100 كتاب، واشتهر لأول مرة بمجموعة شعره أغنيات المياه المالحة
(1902م). وأكثر أعماله ذيوعًا في أشعاره القصصية الطويلة الرحمة الأبدية (1911م)؛
الأرملة في الشارع الجانبي (1912م)؛ الملوث (1913م)؛ رينارد الثعلب (1919م) (انظر:
الموسوعة العربية العالمية)
ولا
يخفى سر اختياره في هذا المحل.
[323] طبعا هذا على ما يعتقد المسيحيون، وسنرى الأدلة الكثيرة المثبتة
لخلاف ذلك في هذه السلسلة.
[324] أشير به إلى الإمام الجليل (موسى الكاظم بن جعفر الصادق) (128 ـ 183
هـ)، وهو سابع أئمة أهل البيت – على
مذهب الاثنا عشرية- ويعرف بألقاب متعددة منها: الكاظم ـ وهو أشهرها ـ والصابر
والصالح.
كان
أعبد أهل زمانه وأزهدهم وأفقههم، وكان يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده، وقد
أخذ عنه العلماء فأكثروا، ورووا عنه في فنون العلم ما ملاَ بطون الدفاتر، وألّفوا
في ذلك الموَلّفات الكثيرة، المروية عنهم بالاَسانيد المتصلة، وكان يعرف بين
الرواة بالعالم.
وكان
جليل القدر، عظيم المنزلة، مهيب الطلعة، كثير التعبّد، عظيم الحلم، شديد التجاوز
حتى لقّب بالكاظم، وقد لاقى من المحن ما تنهدّ لهولها الجبال، فلم تحرك منه طرفاً،
بل كان صابراً محتسباً كحال آبائه وأجداده.. وكان أحمد بن حنبل إذا روى عنه قال:
حدثني موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي،
قال: حدثني أبي علي ابن الحسين، قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب، قال: قال رسول
اللّه ، ثم قال أحمد: (وهذا إسناد لو قرئ على
المجنون لأفاق)
وقد
روي عن أبي حنيفة أنّه حجّ في أيّام الصادق، فلمّا أتى المدينة دخل داره وجلس
ينتظر فخرج صبي، فسأله أبو حنيفة عن مسألة، فأحسن الجواب، قال أبو حنيفة: فأعجبني
ما سمعت من الصبي، فقلت له ما اسمك؟ فقال له: (أنا موسى بن جعفر..) فقلت له:
ياغلام ممّن المعصية؟ فقال: (إنّ السيئات لا تخلو من إحدى ثلاث، إمّا أن تكون من
اللّه وليست منه، فلا ينبغي للرب أن يعذب العبد على ما لا يرتكب، وأمّا أن تكون
منه ومن العبد وليست كذلك، فلا ينبغي للشريك القوي أن يظلم الشريك الضعيف، وأمّا
أن تكون من العبد وهي منه، فإن عفا فبكرمه وجوده، وإن عاقب فبذنب العبد وجريرته)
وكان
يسكن المدينة، فأقدمه المهدي بغداد وحبسه، فرأى في النوم الاِمام عليّا وهو يقول:
يامحمد:﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إن تَوَلّيْتُمْ أن تُفْسِدُوا في الاَرضِ
وتُقَطِّعُوا أرْحَامَكُم ﴾ (محمّد: 22) فأطلقه وردّه إلى المدينة، فأقام بها إلى
أيام هارون الرشيد.
من
كلامه: (وجدت علم الناس في أربع: أوّلها: أن تعرف ربك، والثانية: أن تعرف ما صنع
بك، والثالثة: أن تعرف ما أراد منك، والرابعة: أن تعرف ما يخرجك عن دينك)
وقال:
(المؤمن مثل كفتي الميزان كلّما زيد في إيمانه زيد في بلائه)
وقال:
(تفقّهوا في دين اللّه فإنّ الفقه مفتاح البصيرة وتمام العبادة، والسبب إلى
المنازل الرفيعة والرتب الجليلة في الدين والدنيا، وفضل الفقيه على العابد كفضل
الشمس على الكواكب، ومن لم يتفقه في دينه لم يرض اللّه له عملاً)
وقد
اتفقت كلمة المؤرّخين على أنّ هارون الرشيد قام باعتقال الاِمام الكاظم وإيداعه
السجن لسنين طويلة، مع تأكيده على سجّانيه بالتشديد والتضييق عليه، وذكر أنّه لما
طال به الحبس كتب إلى الرشيد يقول:(إنّه لم ينقضِ عني يوم من البلاء إلاّ انقضى
عنك يوم من الرخاء، حتى يفضي بنا ذلك إلى يوم يخسر فيه المبطلون)
ولم
يزل ذلك الأمر بالاِمام يُنقل من سجن إلى سجن حتى انتهى به الاَمر إلى السّندي بن
شاهك،وكان فاجراً فاسقاً، لا يتورّع عن ارتكاب أي شيء تملّقاً ومداهنة للسلطان،
فغالى في التضييق عليه حتى جاء أمر الرشيد بدسّ السم له، فأسرع السندي إلى إنفاذ
هذا الأمر العظيم، فاستشهد بعد طول سجن ومعاناة، وذلك في سنة ثلاث وثمانين ومائة.
(انظر: موسوعة أصحاب الفقهاء)
[325] بعض ما نذكره هنا من حوار ذكرنا مثله أو قريبا منه في رسالة ( ثمار
من شجرة النبوة) من هذه السلسلة، فصل (روحانية)
[327] انظر: كليات رسائل
النور (لبديع الزمان النورسي)، الكلمات، الكلمة الثانية عشرة.. وقد قدم لها بديع الزمان بقوله:
(هذه الكلمة تشير الى موازنة اجمالية بين حكمة القرآن الكريم المقدسة وحكمة
الفلسفة، وتشير أيضاً الى خلاصة مختصرة لما تلقنه حكمة القرآن من تربية الانسان في
حياتيه الشخصية والاجتماعية فضلاً عن انها تضم اشارة الى جهة ترجح القرآن الكريم
وأفضليته على سائر الكلام الإلهي وسموه على الاقوال قاطبة)
[328] هذه المسألة تسمى في (علم الكلام) بمسألة (شكر المنعم)، وقد اختلف
المتكلمون فيها، فذهب المتكلمون من السنة إلى توقف وجوب شكر المنعم على السمع،
بينما ذهب الإمامية والمعتزلة إلى وجوب شكر المنعم عقلا.. ومن الأدلة التي استدلوا
بها على ذلك:
1 -
أن شكر المنعم واجب بالضرورة وآثار النعمة علينا ظاهرة، فيجب أن نشكر فاعلها،
وإنما يحصل بمعرفته.
2 -
أن معرفة الله تعالى واقعة للخوف الحاصل من الاِختلاف، ودفع الخوف واجب بالضرورة.
3-
أنه يلزم المخالفين - القائلين بأن معرفة الله تعالى واجبة بالسمع لا بالعقل -
ارتكاب الدور المعلوم بالضرورة بطلانه، لاَن معرفة الإيجاب تتوقف على معرفة الموجب
فإن من لا نعرفه بشيء من الاِعتبارات البتة نعلم بالضرورة أنا لا نعرف أنه أوجب،
فلو استفيدت معرفة الموجب من معرفة الإيجاب لزم الدور المحال!
4-
أنه لو كانت المعرفة إنما تجب بالأمر لكان الأمر بها إما أن يتوجه إلى العارف
بالله تعالى أو إلى غير العارف والقسمان باطلان، فتعليل الإيجاب بالأمر محال.. أما
بطلان الأول فلأنه يلزم منه تحصيل الحاصل وهو محال.. وأما بطلان الثاني: فلأن غير
العارف بالله تعالى يستحيل أن يعرف أن الله قد أمره وأن امتثال أمره واجب، وإذا
استحال أن يعرف أن الله تعالى قد أمره وأن امتثال أمره واجب استحال أمره وإلا لزم
تكليف ما لا يطاق.
ومع
أن المسألة أخروية إلا أن الأحوط فيها ما ذكره الإمامية والمعتزلة.. وقد تحدثنا عن مسائل لها علاقة بهذا في رسالة
(أسرار الأقدار)
[334] انظر فصل (السعادة)
من رسالة (أسرار الحياة) من هذه السلسلة،.
[335] سنرى التفاصيل
المرتبطة بمعانيها في (فصل السعادة) من رسالة (أسرار الحياة) من هذه السلسلة.
[336] كما ذكرنا في
الفصول الماضية السبل النقلية والعقلية للتعرف على الله، فإنا سنحاول في هذا الفصل
التعرف على المنهج العرفاني أو الصوفي، وهو منهج من المناهج الشرعية.. بل هو أقرب
المناهج إلى الشريعة، وأيسرها على العامة والخاصة.. وقد اخترنا أن نجعله في خاتمة
الفصول باعتبار هذا المنهج هو المنهج الذي آل إليه الكثير من المتكلمين.. وهذا لا
يعني الانتقاص من سائر المناهج.. بل نرى تكاملها.. فالمناهج العقلية والنقلية
تخاطب العقل.. وهذا المنهج يخاطب الوجدان.. ولا تناقض إن اختلف محل الخطاب.
[337] يعترض البعض على ذكر الله بهذه الصيغة، وهو اعتراض غير وجيه من
وجوه متعددة:
منها أنه ورد في الحديث عن النبي r مشروعية هذا الذكر، ففي الحديث عن النبي r قال: (لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله، الله)، وفي رواية
عنه:(لا تقوم الساعة على أحد يقول: الله، الله) (رواه مسلم في صحيحه في كتاب
الإيمان)
وروى أحمد في الزهد عن ثابت قال: كان سلمان في عصابة
يذكرون الله فمر النبي فكفوا فقال: ما كنتم تقولون؟ قلنا: نذكر الله ،
الله، فقال: إني رأيت الرحمة تنزل عليكم فأحببت أن أشارككم فيها ثم قال: الحمد لله
الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر معهم.
ومنها أن الكثير من العلماء أفتوا بمشروعية ذلك بناء على ما ورد من
النصوص، فقد قال العلامة ابن عابدين في
حاشيته الشهيرة عند شرح البسملة وتبحثه عن لفظ (الله) روى هشام عن محمد عن أبي
حنيفة أنه أي الله اسم الله الأعظم،
وبه قال الطحاوي: وكثير من العلماء وأكثر العارفين حتى أنه لا ذكر عندهم لصاحب
مقام فوق الذكر به كما في شرح التحرير لابن أمير حاج. (حاشية ابن عابدين
ج1ص5 -7)
وقال الخادمي:(واعلم أن
اسم الجلالة (الله) هو الاسم الأعظم عند أبي حنيفة والكسائي والشعبي وإسماعيل بن
إسحاق وأبي حفص وسائر جمهور العلماء وهو اعتقاد جماهير مشايخ الصوفية ومحققي
العارفين فإنه لا ذكر عندهم لصاحب مقام فوق مقام الذكر باسم الله مجردا قال الله
لنيه المصطفى : ﴿قل الله ثم ذرهم﴾.
وقال الجنيد: (ذاكر هذا الاسم (الله) ذاهب عن نفسه متصل بربه قائم
بأداء حقه ناظر إليه بقلبه قد أحرقت أنوار الشهود صفات بشريته)
وقال ابن عجيبة:(فالاسم المفرد (الله) هوسلطان الأسماء وهو اسم الله
الأعظم ولا يزال المريد يذكره بلسانه ويهتز به حتى يمتزج بلحمه ودمه وتسري أنواره
في كلياته وجزئياته..)( تجريد ابن عجيببة على شرح متن الأجرومية ص 15)
وقال أبو العباس المرسي:(ليكن ذكرك (الله، الله) فإن هذا الاسم سلطان
الأسماء وله بساط وثمرة فبساطه العلم وثمرته النور وليس النورمقصودا لذاته بل لما
يقع به من الكشف والعيان فينبغي الإكثار من ذكره واختياره على سائر الأذكار
لتضمنه جميع ما في (لا إله إلا الله) من العقائد والعلوم والآداب والحقائق)
(نور التحقيق ص 174)
ومن
المعاصرين يقول محمد سعيد رمضان البوطي: (ولكن عامة المسلمين من غيرهم أي الذين ينكرون الذكر
بالاسم المفرد (الله) لا يجدون حرجا من ان يذكروا الله بأي من أسمائه وصفاته
المفردة أو يذكروه بشيء من الصيغ أو الجمل الدالة على معنى يتضمن حكما من أحكام
التوحيدأو التنزيه ودليلهم على ذلك صريح قول الله عز وجل ﴿واذكر اسم ربك بكرة
وأصيلا﴾ (الأعراف:25).. ومن المعلوم
أن أول أسمائه تعالى الله، وقال تعالى ﴿واذكر
ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين﴾(
الأعراف: 205)
وذكر الله في النفس أعم من أن يقيد
بمدلول جملة ذات معنى متكامل يتضمن حكما من أحكام التوحيد او التنزيه فإن الجملة
من مستلزمات التراكيب اللفظية والذكر النفسي قد لا يعتمد على شيء من هذه التراكيب
وإنما يكون بإجراء اسم الجلالة أو أي صفة من صفات الله تعالى كالخالق الرزاق
المصور الحكيم.. وغيرها على القلب بحيث يكون يقظا لشهود الله تعالى ففي
اسمه المفرد أو أي صفة من صفاته المعروفة. (السلفية، البوطي، ص 193- 194)
أما
ما يورده بعضهم من أن الاسم
الله المفرد لا يؤلف جملة مفيدة تامة يحسن السكوت عليها كقولنا الله غفور، فقد
أجاب العلماء على ذلك بأن الذاكر باسم الله المفرد إنما يخاطب الله وحده وهو جل جلاله عالم بما في
نفسه مطلع على سريرته فلا يشترط في الخطاب معه ما يشترط في الخطاب مع البشر من جعل
الكلام تاما مفيدا يحسن السكوت عليه.
وقول (الله ، الله) إنما هو نداء
بحذف أداة النداء وأصله ( يا الله، يا الله) كقوله تعالى ﴿يوسف أعرض عن هذا﴾( يوسف: 29)، وأصله يا يوسف، ثم إن المنادى عند النحويين مفعول به لفعل محذوف وأصل الكلام (أدع الله)
وقد يكون المبتدأ الله والخبر الله أو اسم من أسماء الله عز وجل، ويكون هناك في القلب (
العفو، الرحيم..) وذلك كما أراد أحدهم أن يشبه شجاعة زيد بشيء آخر فلم يستطع فقال:
زيد زيد.
[338]أشير به إلى (جاستن مارتن)، وهو المعروف بـ (جاستن الشهيد) ، وقد
وُلد في إحدى مدن السامرة في فلسطين سنة 89م، وآمن بالمسيحية سنة 133م، واشتهر في
سنة 140م إلى أن استُشهد سنة 168.. وقد كتب عدَّة كتب دفاعاً عن المسيحية، منها
رسالة للإمبراطور (تيطس أنطونيوس بيوس)، ورسالة للإمبراطور (ماركوس أنطونيوس)
ولأعضاء مجلس الشيوخ في روما ولسكانها.. وله محاورة مع (تريفو اليهودي) باقية إلى
الآن، وهي تُظهر تبحّره في فلسفة فيثوغورس وأفلاطون، وأنه رأى أن الأسلم التمسّك
بالمسيحية.. وتكلم عن الأناجيل الأربعة، وقال: إن المسيحيين كانوا يتعبدون
بتلاوتها في معابدهم، وتكلم عن رسائل بولس وبطرس ويوحنا وسفر الرؤيا.. (انظر:
شبهات وهمية، للدكتور القس منيس عبد النور)
وقد
اخترناه هنا لبيان أن الأديان في أصلها لا تختلف في كون الله ودودا، وسنرى في هذا
الفصل من النصوص من الكتاب المقدس ما يدل على ذلك.
[340] ومما ورد في ذلك الحورا قوله: (وانا بعيد كل البعد من أن اضع ثقتي
في معلميك (اليهود) الذين يرفضون الإعتراف بالنسخة السبعينية التي ترجمها السبعون
الذين كانوا مع بطليموس (بأمر من بطليموس) ملك مصر، وأخذوا في تلفيق نسخة أخري.
وأرغب منك أن تدرك انهم حذفوا كليا نصوصا كثيرة من تلك النسخة التي ترجمها السبعون
ان هذا الرجل الذي صلب عبر عنه بتعبيرات تثبت انه إله وانسان وانه يصلب ويموت،
ولأني أعلم أنكم لا تقرون بذلك فسوف أتجنب تلك النقاط وسوف أناقشك معتمدا علي
النصوص التي مازلتم تعترفون بها.
لقد
أقررت بالنصوص التي ذكرتها لك لكنك تعارض المعني (ها العذراء تلد) لكنك تقول ان
النص يقرأ (ها امراة شابة تحبل)، وقد وعدتك أني سوف ابرهن لك ان النبوة لا يشير
الي حزقيا كما علموك ولكن تشير الي المسيح والآن اليك الدليل..
وهنا
قال تريفو: نسألك أولا، وقبل أي شيء أن تخبرنا عن تلك النصوص التي تزعم أنها مسحت
كليا؟
قال
جاستن: سوف أفعل كما تحب: من نص عزرا الذي ذكر فيه شرائع عيد الفصح أزالوا عنه ما
يلي:( وقال عزرا للناس , هذا الفصح هو مخلصنا وملجأنا, إن فهمتم ذلك وآمنت قلوبكم
, وتواضعنا له وكان رجاءنا فيه فلن يهجر هذا المكان الي الأبد , هكذا يقول السيد
رب الجنود، ولكن ان لم تؤمنوا ولم تسمعوا له تكونون سخرية الأمم) (هذا النص اختفي
تماما. أشار اليه آدم كلارك في تفسيره لعزرا 10:44)
ومن
أرميا أزالوا النص التالي (انا (كنت) كشاة سيقت الي الذبح، ولم أعلم انهم تآمروا
علي قائلين لنفسد عليه خبزه ونقطع ذكره من أرض الاحياء)( يبدوا أن محاولات إخفاء
هذا النص فشلت فلم يختف، فهو في(ارميا 11:19)
ولكن
نص ارميا مازال يوجد في بعض النسخ اليهود لأن ازالتها تمت حديثا، ومن هذا النص
يتضح ان اليهود تشاوروا عن المسيح ليصلبوه ويقتلوه، وهو أيضا الذي تنبأ عنه اشعياء
في انه سوف يساق كالخروف إلى الذبح مصورا اياه في شكل حمل وديع، وكونهم في موقف
صعب منها أجدفوا.
ومن
أرميا ايضا أزالوا النص القائل: (الرب الإله تذكر شعبه الميت من اليهود الراقدين
في القبور فصعد يبشرهم بالخلاص)
وكلمة
الخشب حذفت من (مزمور 96)
ومن
مزمور 95 ( 96) قطعوا هذه العبارة الصغيرة (من الخشب) من قول داود:(قولوا أنتم بين
الأمم الرب قد ملك بالخشب ( يقصد الصليب) وأبقوا (قولوا انتم بين الأمم)
إلى
آخر الحوار، وقد ذكرنا التفاصيل الكثيرة المرتبطة بهذا في رسالة (الكلمات المقدسة)
من هذه السلسلة.
[341] أيا صوفيا أروع
وأشهر نموذج للعمارة البيزنطية في العالم.. وكانت كاتدرائية بناها جستنيان الأول
بين عامي 532 و537م في إسطنبول. وبُنيت قبّةٌ أعلى من القبة الأصلية، بين عامي 558
و 563م بعد أن تشوّهت القبة الأولى، إثر زلزال. واستعمل المبنى مسجدًا بعد عام
1453م، عندما فتح الأتراك المدينة. وأصبحت أيا صوفيا مُتْحَفًا عام 1935م. وتعني
عبارة أيا صوفيا في اليونانية القديمة الحكمة المقدسة.
ونرمز بها هنا إلى ما يرمي إليه هذا الفصل من محاولة بيان المنهج
العرفاني الصوفي في البحث عن الله.
[346] الحكاية في الأصل
رواها الجنيد، وقد تصرفنا فيها بما يقتضيه المقام.
[347] أشير به إلى السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي
طالب (145 - 208 ه = 762 - 824 م) ها، وعن آبائها، وهي صاحبة المشهد المعروف بمصر،
وهي تقية صالحة، عالمة بالتفسير والحديث.. ولدت بمكة، ونشأت في المدينة، وتزوجت
إسحاق المؤتمن بن جعفر الصادق..وانتقلت إلى القاهرة فتوفيت فيها.. حجت ثلاثين
حجة.. وكانت تحفظ القرآن.. وسمع عليها الامام الشافعي، ولما مات أدخلت جنازته إلى
دارها وصلت عليه.. وكان العلماء يزورونها ويأخذون عنها، وهي أمية، ولكنها سمعت
كثيرا من الحديث.. ولي أبوها إمرة المدينة للمنصور، ثم حبسه دهرا..ودخلت هي مصر مع
زوجها (انظر: الأعلام، للزركلي)
[348] هذا الذي نذكره من قولها من كلام ابن القيم في الجواب الكافي، ص
38.
[350] هذا التحليل العقلي
كما هو ظاهر للغزالي من (مشكاة الأنوار)، بتصرف اقتضاه المقام.
[351]أشير به إلى الشيخ الجليل (عبد القادر الجيلاني)، وهو عبد القادر بن
أبي صالح بن عبد الله الجيلي ثم البغدادي، ولد بجيــلان في ايران، ووفد بغداد
شاباً سنـة 488هـ، وتفقه على عدد من مشايخها خاصة أبي سعيد المُخَرَّمي.. جلس
للوعظ سنة 520ﻫ، وحصل له القبول من الناس، واعتقدوا ديانته وصلاحه، وانتفعوا
بكلامه ووعظه.
صنف
مصنفات كثيرة في الأصول والفروع وفي أهل الأحوال والحقائق منها ما هو مطبوع ومنها
مخطوط ومنها (إغاثة العارفين وغاية منى الواصلين)، و(أوراد الجيلاني)، و(آداب
السلوك والتوصل إلى منازل السلوك)، و(تحفة المتقين وسبيل العارفين)، و(جلاء الخاطر
في الباطن والظاهر)، و(حزب الرجاء والانتهاء)، و(رسالة في الأسماء العظيمة للطريق
إلى الله)، و(الغُنية لطالبي طريق الحق)، وهو من أشهر كتب الشيخ في الأخلاق
والآداب الإسلامية وهو جزءان، و(الفتح الرباني والفيض الرحماني): وهو من كتب الشيخ
المشهورة وهو عبارة عن مجالس للشيوخ في الوعظ والإرشاد.. و(فتوح الغيب)، ومن هذه
الكتاب استفدنا ما نذكره عنه.
[352] من (فتوح الغيب) المقالة السابعة والسبعون فـي الـوقـوف مـع الله و
الـفـنـاء عـن الـخـلـق (بتصرف)
[353]انظر: المقالة الثامنة والخمسون فـي صـرف الـنـظـر عـن كـل
الـجـهـات، و طـلـب جـهـة فـضـل الله تـعـالـى (بتصرف)
[354] هذه المناجاة مروية عن الإمام الحسين، وعن ابن عطاء الله السكندري..
ولا حاجة للتحقيق في الأصح منهما، لأن المعاني الواردة فيها معان ورد مثلها عن أهل
البيت.. والعبرة بالمعاني لا بكسوة الألفاظ.
[355] سنذكر هنا ـ بتصرف
ـ بعض ما أورده ابن عطاء الله في حكمه من الطريق إلى معرفة الله على منهج أهل
المحبة.
[356] لا نريد بهذا ما
يفهمه البعض من الجهة، فقد ذكرنا أن الله تعالى عنها وتقدس، ولكنا نريد ما تعارفنا
عليه مما هو من باب تعظيم الله، لا من باب تحديد الجهة.
[357] هذه الرسالة ملخصة
بتصرف من (كيمياء السعادة) للغزالي.
[359] آثرنا أن نقتصر في
هذا الفصل على ذكر بعض ما أثر من مناجاة أولياء الله الرقيقة.. وخاصة مناجاة سجاد
آل محمد ..
فهي مناجاة تجمع ألوان المعرفة.. بل هي تعبر عن الحقائق الإيمانية بمنتهى الرقة
والجمال.. وهي في قوتها الدلالية أقوى بكثير من كثير من الصيغ الجدلية الممتلئة
بالجفاف.
[360]من دعاء السجاد في مناجاة التائبين (ببعض تصرف)
[361] من دعاء السجاد في مناجاة الشاكين (ببعض تصرف)
[362] من دعاء السجاد في مناجاة الخائفين (ببعض تصرف)
[363] من دعاء السجاد في مناجاة الراجين (ببعض تصرف)
[364] من دعاء السجاد في مناجاة الراغبين (ببعض تصرف)
[365] من دعاء السجاد في مناجاة المطيعين (ببعض تصرف)
[366] من دعاء السجاد في مناجاة المريدين (ببعض تصرف)
[367] من دعاء السجاد في مناجاة المحبين (ببعض تصرف)
[368] من دعاء السجاد في مناجاة المتوسلين (ببعض تصرف)
[369] من دعاء السجاد في مناجاة المفتقرين (ببعض تصرف)