تغير وجهه
تغيرا شديدا، وقال: الله أعظم من أن يحل ببلدة، فالله لا يحيط به المكان ولا
الزمان.. وكيف يحيط به، وهو الذي خلق المكان والزمان.
قلت: فما الذي
تقصد بزيارة الخلق لبلادكم بحثا عن الله؟
قال: أنت تعلم
أن للإلحاد سوقا في هذا الزمان، وأنه ينتشر في بلاد الله كما ينتشر النار في
الهشيم..
قلت: أعلم ذلك.
قال: لقد تعذب
الخلق بهذا.. ولهذا تراهم يبحثون عن الله.. ويبحثون عن الأدلة على وجوده وكماله
ليقضوا بها على تلك الوساوس التي ملأهم بها الشياطين.
قلت: أعلم كل
ذلك.. ولكني أتساءل عن علاقة ذلك ببلدتكم.
قال: عندما
رأى رجال من أهل الله من هذه البلاد ما حل بالخلق راحوا يبحثون في موازين العقول
عن الأدلة التي تنفي كل شبهة، وتقمع كل وسواس.. ونحن نسميهم هنا (المتكلمون).. وهم
حقيقة (متكلمون)، فلديهم من القدرات العقلية.. ولديهم من طرائق الإقناع الحقيقي لا
الوهمي ما يملؤك بالعجب.. وهم فوق ذلك نذروا أنفسهم لله، فلا تراهم يحامون إلا
عنه، ولا تراهم ينتصرون إلا له.
قلت: لقد
شوقتني إليهم.. فدلني عليهم.
قال: سر فقط
في هذه البلاد.. سر في شوارعها شارعا شارعا.. فلن تعدم في أي شارع من أي متكلم.