كنت في
إسطنبول قرب مسجد أياصوفيا([341])..
وهناك خطر على بالي تلك الأجيال الكثيرة من المسيحيين والمسلمين التي مرت على ذلك
المكان.
وقلت في نفسي:
يا ترى.. أين هم الآن.. وهل ظفروا بمقصودهم.. أم أنه حيل بينهم وبينه؟
بينما أنا
كذلك إذ ربت على كتفي رجل، وقال: ابحث عن مكان لك في العربة المقدسة التي تريد أن
ترحل إلى الله.. فلا يهمك من قعد ولم يركب فيها.
قلت: أيمكن أن
نرحل إلى الله، ونحن نحتفظ بهذه الأجساد؟
قال: إن كنت
تتعلق بجسدك، وترتبط به.. فلا يمكنك أن ترحل.. لا يمكن أن يركب في العربة المقدسة
إلا من طرح جميع الأكفان التي تحول بينه وبين ربه.
قلت: كيف ذلك؟..
وأنى ذلك؟
قال: إن كنت
صادقا فسترى بجانب هذه الديار من الهداة والمرشدين ما لا يراه إلا الصادقون.
قلت: أيمكن أن
أرى ما لا يرى غيري؟
قال: الصادق
يرى ما لا يرى الكاذب.
قلت: كيف هذا؟
[341] أيا صوفيا أروع
وأشهر نموذج للعمارة البيزنطية في العالم.. وكانت كاتدرائية بناها جستنيان الأول
بين عامي 532 و537م في إسطنبول. وبُنيت قبّةٌ أعلى من القبة الأصلية، بين عامي 558
و 563م بعد أن تشوّهت القبة الأولى، إثر زلزال. واستعمل المبنى مسجدًا بعد عام
1453م، عندما فتح الأتراك المدينة. وأصبحت أيا صوفيا مُتْحَفًا عام 1935م. وتعني
عبارة أيا صوفيا في اليونانية القديمة الحكمة المقدسة.
ونرمز بها هنا إلى ما يرمي إليه هذا الفصل من محاولة بيان المنهج
العرفاني الصوفي في البحث عن الله.