وقد كتب يوحنا
هذه العبارة التي لا يوجد مثلها في أي كتاب من الكتب المقدسة: (لأنه هكذا أحب الله
العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به) (يوحنا 3: 16)
ابتسم، وقال([325]): لقد أصابني
في فترة من حياتي بعض الانبهار من هذه العبارات الجميلة.. لكني عندما حاولت أن
أعيش معانيها لم أجد فيها من المعاني الروحانية اللذيذة ما يمكن أن أعيشه.. بل
عندما طبقت تلك العبارة على موازين الكون لم أجد لها أي وزن.
قلت: لكني
وجدتها تزن كل شيء.
قال: لا بأس..
لنترك الجدل.. ولنترك الأنا.. ولنبحث فيما يقول العقل.. العقل الذي وضع برنامجه
ربنا ورب الخلائق جميعا..
لاحظ بعين
العقل والمنطق والروح تلك العبارة الأخيرة التي بهرتك كما بهرت الملايين من غير أن
يعرفوا معناها.
ألا ترى أنها
تحمل تصويرا مشوها عن الله يصرف القلوب عنه.. بل قد يملؤها ببغضه!؟
قلت: ما
تقول؟.. إنها تدل على رحمة الله التي لا حدود لها.
قال: سنطبق
مقاييس عقولنا على هذا.. أجبني.. أرأيت لو أنك.. وأنت صاحب الدار.. دعوت ضيوفا إلى
بيتك لتطعمهم من طعامك، وتسقيهم من شرابك.. ثم بدر من أحد ضيوفك ما أساء إليك..
فنظرت إليهم نظرة غضب تريد أن تبطش بهم.. ثم سرعان ما تحولت إلى حليم رحيم.. ولكنك
لم تعف عنهم.. وإنما ذهبت إلى ولدك الوحيد لتضعه على الصليب، وتقتله شر
[325] بعض ما نذكره هنا من حوار ذكرنا مثله أو قريبا منه في رسالة ( ثمار
من شجرة النبوة) من هذه السلسلة، فصل (روحانية)