ومما ورد في
هذا أن رسول الله (ص) قال:( أربعة يمتحنون يوم القيامة: رجل أصم لا يسمع، ورجل أحمق،
ورجل هرم، ورجل مات في الفترة، أما الأصم فيقول:( يا رب قد جاء الإسلام وما أسمع
شيئا) وأما الأحمق فيقول:( يا رب قد جاء الإسلام والصبيان يرمونني بالبعر) وأما
الهرم فيقول:( يا رب قد جاء الإسلام وما أعقل شيئا) وأما الذي مات في الفترة
فيقول:( ما أتاني لك رسول)، فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه، فيرسل إليهم رسولا أن ادخلوا
النار، قال (ص):( فوالذي نفسي بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما، ومن لم
يدخلها سحب إليها)([279])
قلت: ولكن الدار
الآخرة دار جزاء لا دار التكليف.. فكيف يكلف هؤلاء بالعمل؟
قال: مع أن
لهؤلاء أحوالهم الخاصة التي قد لا يشاركهم فيها غيرهم إلا أن الأدلة متظافرة على
أن هذا الاعتقاد السائد ليس على عمومه، فقد قال تعالى: يَوْمَ
يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ
(القلم:42)، وقد ثبت في الحديث أن المؤمنين يسجدون للّه يوم القيامة، وأن المنافق
لا يستطيع ذلك ويعود ظهره كالصفيحة الواحدة طبقاً واحداً، كلما أراد السجود خر
لقفاه ([280]).
[278] وقد تكلم العلماء بالإنكار على هذه الأحاديث
واعتبارها من الضعف بحيث لا تنهض للاستدلال بها، وقد رد ابن كثير على ذلك بقوله:(
إن أحاديث هذا الباب منها ما هو صحيح كما قد نص على ذلك كثير من أئمة العلماء،
ومنها ما هو حسن، ومنها ما هو ضعيف يتقوى بالصحيح والحسن، وإذا كانت أحاديث الباب
الواحد متصلة متعاضدة على هذا النمط أفادت الحجة عند الناظر فيها) (تفسير ابن كثير: 5/58)