فَيُضِلَّكَ
عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ (صّ: من الآية26))([270])
ولهذا نفى
القرآن الكريم كل ما يتوهمه الإنسان من الأهواء والعلل التي يتصور أنها قد تلغي
عدالة الله:
ومنها تصوره
ارتباط مصيره بمجرد أمانيه وأحلامه وأوهامه، وكأن أوهامه هي التي تملي على الله ما
يطلبه، أوكأنه يريد أن يساوي لذات أمانيه بعرق ودماء وجهد العاملين المخلصين، قال
تعالى نافيا هذا الوهم: لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا
أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ
مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ
مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا
يُظْلَمُونَ نَقِيراً (النساء:123 ـ 124)
وقال منكرا
على من غرته الأماني: أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (لنجم:24)أي
ليس كل من تمنى خيراً حصل له، وقد عقبت هذه الآية بقوله تعالى:
فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى (لنجم:25)، وكأنها تشير إلى أن عجز
الأماني وقصورها عن تحقيق مطالب الإنسان في الدنيا هو نفسه عجزها وقصورها عن تحقيق
مطالبه في الآخرة.
ومنها الفهم
الخاطئ لحقيقة الشفاعة، حيث حولتها الأماني القاصرة إلى وساطة كوساطات الدنيا تعمق
الجور، وتولد الظلم، فلذلك عقبت الآيات السابقة من سورة النجم بقوله تعالى:
وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا
مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى
(لنجم:26)
والشفاعة في
حقيقتها ـ والتي تدل عليها النصوص ـ هي جزاء كسائر أنواع الجزاء التي ينالها الخلق
في الآخرة لأعمال عملوها أو صفات اتصفوا بها، وليست كما يتوهم من أنها وساطة ينجو