لقد قلت
لنفسي: (إذا كان الإنسان أكثر من مجرد حيوان، فمن المحتوم أن تكون هناك قدرة خاصة
تميزه من سائر الحيوانات الأخرى)
لقد دلني على
هذا نظري في مراتب الأحياء:
لقد عرفت أن
النباتات تحرك نفسها، ولكنها لا تدرى إلى أين تمضى.. وأن الحيوانات تدرك إلى أين
تمضى، ولكنها لا تعرف السبب..
وقد دلني هذا
على أنه ـ لإكمال مراتب الأحياء ـ لا بد من وجود مخلوقات لا تعرف فقط إلى أين
تمضى، ولكن لماذا تمضى أيضا..
وقد عرفت من
خلال تأمل بسيط أننا نحن البشر هم الذين نشكل هذه المخلوقات، والملكة التى تمكننا
من فهم علل الأشياء تسمى العقل أو الفكر، وهى تسمى كذلك سلطان العقل، لأننا
بواسطتها نتعرف على علل الأشياء، وما من قوة حسية تستطيع أن تؤدى هذه الوظيفة..
فاللسان، مثلا، يدلنا على أن البحر مالح، ولكنه لا يفسر لنا علة ملوحته.
والعقل كذلك
يمكننا من إدراك ماهية الأشياء.. وهو أمر لا تستطيع الحواس القيام به، ولا ملكة
الخيال ذاتها، فإذا حاولنا مثلا أن نتخيل ما هو الحيوان، فالصورة التى ترتسم فى
أخيلتنا الحسية تختص بحيوان بعينه له صفات محددة من حيث الحجم والشكل واللون، ومن
المستحيل تكوين صورة حسية لما يشترك فيه جميع الحيوانات، ومع ذلك فليس من المستحيل
على العقل أن يفهم ما هو الحيوان.
بالإضافة إلى
هذا الرقي الذي يتميز به الإنسان عن الحيوان.. فإن هناك شيئا آخر لا يقل عن هذا
أهمية.. إنه الإرادة.. فالحيوان يتبع حكم الإحساس والعاطفة، ولكن الإنسان يتمتع
بقدرة