قلت: فكيف
نميز بين ما يقوله العقل، وما يقوله الهوى؟
قال: لقد جعل
الله في قدرة العقول هذا التمييز.
قلت: لا يزال
عقلي كليلا دون إدراك صدق ما تقول.
قال: أرأيت لو
أن رجلا من الناس زعم لك استحالة تحول الماء إلى بخار.. كيف تخلصه من هذا الوهم؟
قلت: ما أسهل
ذلك.. سأحضر نارا وماءا.. فما تلبث النار حتى تتغلب على الماء، وتحوله إلى بخار..
وحينها سيتبخر وهمه.
قال: فهكذا من
سرب إليك وهمه.. أحضر له ما يتبخر به وهمه.
قلت: الأمر
مختلف تماما.. ذلك ماء ونار.. وكلاهما تدركه حواسي.. ولكن الحقائق التي نتحدث عنها
تختلف تماما.
قال: هي تختلف
من حيث الصورة فقط.. لكنها في الحقيقة لا تختلف.. لقد جعل الله لكل حقيقة السلم
الذي يصعد إليها به.. والباب الذي يدخل إليها منه.
قلت: ما دام
الأمر بهذه البساطة.. فلم كانت أعقد قضية في هذا الوجود هي معرفة الله؟
قال: لقد عرفت
أن النفس هي أكبر حجاب بين الإنسان وبين ربه.. ولذلك فإنها إن لم تطق أن تملأ
القلوب والعقول غفلة أسرعت فملأتها أوهاما.
قلت: لم تسرع
إلى الأوهام؟
قال: لتعبد من
خلالها.. فالنفس في طغيانها لا تردد إلا ما ردده فرعون عندما قال:P
أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى O (النازعـات: من الآية24).. بل إنها لا
ترضى بالشرك، ولذلك، فهي تردد مع