قال ابن
الراوندي: سلمت لك بكل هذا.. فكيف تستدل به على ما نحن فيه؟
قال الراوندي:
بالتأمل في هذا الكون الذي نراه نرى أنه في جملته من نوع الممكن.. أي أن العقل
يجزم بأنه لا يترتب أي محال على فرض انعدامه.. ويرى أنه من الممكن أن توجد أسباب
تعدمه من أصله دون أن يستلزم ذلك محال لا يقبله العقل.
وهذا يعني أنه
لا بد لهذا الكون الذي كان في أصله قابلا لكل من الوجود والعدم بحد سواء من قوة
خارجة عنه مؤثرة فيه خصصته لجانب الوجود..
قال ابن
الراوندي: يمكن أن أتفق معك إلى هنا.. فما هذه القوة؟
قال الراوندي:
هذه القوة هي قوة الله.
قال ابن
الراوندي: لا.. لا أتفق معك على هذا..
قال الراوندي:
لم.. أو ما القوة التي تراها بديلة عن الله؟
قال ابن
الراوندي: ما دام الأمر يحتاج إلى الله.. فأنا لا أحتاج إلى هذا.. أنا أفرض فرضا
آخر لا نحتاج فيه إلى أي قوة خارجية.
قال الراوندي:
فما هو هذا الفرض الذي يغني الكون عن خالقه؟
قال ابن
الراوندي: أنا أفرض أن الكون وجد بذاته دون أي قوة مؤثرة خارجية.
قال الراوندي:
فما دليلك على هذا؟
قال ابن
الراوندي: لا أحتاج إلى أي دليل.. بل أنت الذي تحتاج إلى أن تنفي صحة هذا الفرض.