وفي هذا
الكتاب يطلع القارئ على نوع من الأدلة العلمية، التي تفرض سلطانها على العلماء
الماديين، من خلال ملاحظاتهم وتجاربهم واختباراتهم العلمية، فتجعلهم يؤمنون بالله،
ويجد فيه أيضاً الرد الكافي على مروجي الإلحاد، الذين يزعمون أن العلوم تبعد عن
الإيمان بالله، وأن جميع أو معظم العلماء الكونيين ملحدون.
عم صمت قليل المجلس قطعه حبنكة
قائلا، وهو ينظر إلى العظم: ولهذا، فإن ما ذكرته في الصفحة (28) من كتابك العظيم ـ
من قولك:( إن النظرة العلمية التي وصل إليها الإنسان عن طبيعة الكون والمجتمع
والإنسان خالية عن ذكر الله) ـ ادعاء باطل لا أساس له من الصحة مطلقاً.
ومع ذلك، فلنفترض جدلاً أن
العلماء الماديين جميعهم أنكروا وجود الله.. فهل ترى ذلك كافيا في إنكار حقيقة
وجود الله؟
هل ينتظر من العلوم المادية
المتقدمة وأجهزتها المتطور أن ترينا الله تعالى رؤية حسية؟
إن أقصى ما تفعله هذه الأجهزة
أن ترينا آيات الله في الكون.. أما ذات الله تعالى، فلن تستطيع أن ترينا إياها..
لقد ذكر الله تعالى ذلك، فقال: سَنُرِيهِمْ
آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ
الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ
شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) (فصلت)
لا نقول هذا فقط.. بل نحن نتحدى
العلوم المادية المتقدمة، وأجهزتها المتطورة، أن ترينا كثيراً من الطاقات الكونية
التي غدت حقائق علمية ثابتة لدى العلماء الماديين عن طريق الاستنتاج من ظواهرها
وآثارها، وهذه الحقائق التي أثبتوها ليست إلا تفسيرات نظرية للظواهر.
بالإضافة إلى هذا، فإن شهادات
العلماء الماديين المؤمنين الذين نشأوا في عصر النهضة العلمية المادية الحديثة
تقدم للمتشككين أدلة كافية على أن العلوم المادية ليست علوماً ملحدة في حقيقتها،