لكن
الإلحاد ملصق بها بطريقة صناعية مقصودة موجهة، من قبل فئات خاصة لها في نشر
الإلحاد مصالح سياسية واقتصادية ضد خير البشرية وسعادتها.
ومن هذه الأقوال يتبين لنا
بوضوح أنه لا يوجد تناقض ولا تعارض مطلقاً في نظر جمهور العلماء الماديين بين
الدين والعلم حول الأساس الأول من أسس العقيدة الدينية، وهي عقيدة الإيمان بالله
تعالى، وبهذا تنهار المستندات الإلحادية التي تزعم وجود هذا التناقض بالنسبة إلى
هذه النقطة بالذات، باعتبارها مجال بحثنا الآن، وباعتبارها أعظم نقطة في
الأيديولوجية الإلحادية، والتي يحاول الملحدون جهدهم أن يوجدوا لها المبررات
النظرية، أو المبررات العملية، فلا يجدون إلا افتراء الأكاذيب، وصناعة المغالطات،
والاحتماء المزور بالتقدم العملي والصناعي، وسرقة أسلحة العلم التي لا تملك في
الحقيقة الدفاع عن الإلحاد، وإنما هي في الأصل أسلحة لقضية الإيمان، يحسن
استعمالها العالمون بها، وتكون عند الجاهلين بها أسلحة معطلة، ويسرقها الملحدون
فيحملونها أمام الجاهلين، فيتخيل الجاهلون بها أنها فعلاً أسلحة للملحدين، وهي
تدعم قضية الإلحاد، مع أن الحقيقة بخلاف ذلك، إنها أسلحة للمؤمنين العالمين بها،
الذين يحسنون استعمالها.
لو كانت النظرة العلمية الحديثة
تناقض أو تعارض النظرة الغائية للكون، لما وجدنا هذا الجمهور الكبير من علماء
النهضة العلمية الحديثة مؤمنين بالله ،وبتفسيرات النظرة الغائية للكون ،وبالمفاهيم
الأخلاقية الدينية..
لقد كان (أندرو كونواي إيفي) من
هؤلاء.. لقد كان من علماء الطبيعة الكبار.. وكان ذا شهرة عالمية من سنة (1925م)
إلى سنة (1946م).. ولكن ذلك لم يمنعه من أن يقول ـ في مقال له تحت عنوان: (وجود
الله حقيقة مطلقة) ـ:( ويظهر أن الملحدين أو المنكرين بما لديهم من شك لديهم بقعة
عمياء، أو بقعة مخدرة داخل عقولهم، تمنعهم من تصور أن كل هذه العوالم، سواء ما كان
ميتاً أو حياً، تصير لا معنى لها بدون الاعتقاد بوجود الله)