واسمع بعد هذا إلى هذه المعزوفة
العظيمة التي لحنها الفيلسوف الأديب (برتراند رسل) تحت عنوان: (عبادة الإنسان
الحر).. لقد صور فيها تفسيرات الملحدين لنشأة الكون وتطوره، ونشأة الحياة وتطورها،
وأصل الإنسان ونشأته وتطوره، ونشوء الديانات والعبادات والطقوس وتطورها، وأنكر
فيها الآخرة وما فيها.. فالكون بدأ من السديم، وهو إلى السديم يعود.
واسمع مع هؤلاء إلى تلك المعزوفات
الجميلة التي لحنها (ماركس) و(فرويد) و(داروين).. وغيرهم من العباقرة.
ابتسم حبنكة، وقال: أنت تتهجم
على المدافعين عن الدين بأنهم يقدمون أقوالاً تقريرية غير مقترنة بأدلة.. ولكنك في
الرد عليهم تفزع إلى قصة أدبية كتبها (برتراند رسل).. وكأنها السند الأمثل للتحقيق
العلمي في قصة الخليقة.
هل تصبح تلك القطعة الأدبية هي
التحقيق العلمي العظيم لقصة الوجود كله، التي بدأت بالسديم وستنتهي إلى السديم،
وفق النظرات التي يرجحها أصحابها دون مستندات علمية صحيحة، ودون براهين معتبر وفق
المنهج العلمي السليم؟
أنَّى لواضعي هذه النظرية أن
يشهدوا بداية الكون؟ وكيف يتسنى لهم مشاهدة نهايته؟
إن راسل صور في قصته أن السديم
الحار دار عبثاً في الفضاء عصوراً لا تعد ولا تحصى، ثم نشأت عن هذا الدوران هذه
الكائنات المنظمة البديعة بطريق المصادفة، وأن اصطداماً كبيراً سيحدث في هذا الكون
يعود به كل شيء إلى سديم كما كان أولاً.
أذكر أنك علقت على هذه القصة
الخيالية بقولك:( هذا المقطع الذي كتبه (رسل) يلخص لنا بكل بساطة النظرة العلمية
الطبيعية للقضايا التالية: نشوء الكون وتطوره، نشوء الحياة