قال في كتابه الشفاء: وممّا ينبغي أن يُعلم أنّه لا يمتنع مع الطبع
والختم والقفل (على القلوب)، حصول الإيمان؛ بأن يفكّ الذي ختم على القلب...،
ويهديه بعد ضلاله، ويعلمه بعد جهله، ويرشده بعد غيّه، ويفتح قفل قلبه بمفاتيح
توفيقه، التي هي بيده؛ فحتّى لو كتب على جبينه الشقاوة والكفر، لم يمتنع أن يمحوها
ويكتب عليه السعادة والإيمان....
وكان عمر يقول في دعائه: «اللهم إنْ كنت كتبتني شقياً فامحني، واكتبني
سعيداً؛ فإنّك تمحو ما تشاء وتثبت» فالرب تعالى فعال لما يريد لا حجر عليه.
وقد ضل ههنا فريقان:
القدرية: حيث زعمت أنّ ذلك ليس
مقدوراً للرب، ولا يدخل تحت فعله؛ إذ لو كان مقدوراً له ومنعه العبد، لناقض جوده
ولطفه.
والجبرية: حيث زعمت أنّه سبحانه
إذا قدّر قدراً، أو علم شيئاً، فإنّه لا يغيّره بعد هذا،
ولا يتصرف فيه، بخلاف ما قدّره وعلمه.