والقول الثاني: أنّه يجوز أن يكتب في بطن أمه أنّه إنْ وصل رحمه فإنّ رزقه وأجله كذا، وإنْ لم يصل رحمه فكذا، بدلالة قوله تعالى في قصة نوح: ) قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (يريد أجلاً قد قضـى به لكم إنْ أطعتم، يؤخركم إليه؛ لأنّ أجل الله إذا جاء في حال معصيتكم، لا يؤخر عنكم..
قال تعالى: ) فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ( وهو الهلاك على الكفر ) وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ( فهذا كلّه من المكتوب في بطن أمّه، أيّ الأجلين استحق لا يؤخر عنه، ويؤيد هذا قوله تعالى: ) يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (؛ وقد روى عن عمر بن الخطاب ما هو تفسير لهذه الآية؛ فقد روى أنّه كان يقول في دعائه: «اللهم إن كنت كتبتني عندك شقياً، فامحني واكتبنى سعيداً، فإنّك تقول: )يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب(([113]).
[113] شرح ابن بطال (ت: ياسر إبراهيم) 6: 206. مكتبة الرشد، الرياض.