فوعظهم ، وقال : أيّها النّاس ; إنّ الّذي تفعلون لا يشبه أمر المؤمنين ولا أمر الكافرين ; إنّ فارس والروم لتأسر فتُطعم وتَسقى ، فالله الله ! لا تقطعوا الماء عن الرّجل ; فأغلظوا له وقالوا : لا نعم ولا نعمة عين . فلمّا رأى منهم الجدّ نزع عمامته عن رأسه ، ورمى بها إلى دار عثمان ، يُعلمه أنّه قد نهض وعاد . وأمّا أُمّ حبيبة - وكانت مشتملة على إداوة - فضربوا وجه بغلتها ، فقالت : إنّ وصايا أيتام بني أميّة عند هذا الرّجل ، فأحببت أن أسأله عنها لئلا تهلك أموال اليتامى ، فشتموها ، وقالوا : أنت كاذبة ، وقطعوا حبل البغلة بالسّيف ، فنفرت وكادت تسقط عنها ، فتلقاها النّاس فحملوها إلى منزلها . ( 1 ) [ 534 ] - 44 - وقال أيضاً : قال أبو جعفر : فلمّا طال الأمر وعلم المصريّون أنّهم قد أجرموا إليه جرماً كجرم القتل ، وأنّه لافرق بين قتله وبين ما أتوا إليه ، وخافوا على نفوسهم من تركه حيّاً ، راموا الدّخول عليه من باب داره ، فأغلقوا الباب ، ومانعهم الحسن بن عليّ وعبد الله بن الزّبير ومحمّد بن طلحة ، ومروان ، وسعيد بن العاص ; وجماعة معهم من أبناء الأنصار ، فزجرهم ، عثمان ، وقال : أنتم في حلّ من نصرتي . . . ! ثمّ قال للحسن : إنّ أباك الآن لفى أمر عظيم من أجلك ، فأخرج إليه ، أقسمت عليك لمّا خرجت إليه ! فلم يفعل ، ووقف محاميا عنه . ( 2 ) [ 535 ] - 45 - قال المسعوديّ : اجتمع المهاجرون والأنصار على محاصرة عثمان والهجوم عليه حتّى قتلوه و ذلك في أربع وعشرين سنة من إمامة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ثمّ صار النّاس إلى أمير المؤمنين ليبايعوه فامتنع عليهم فألحّوا عليه حتّى أكرهوه وتداكّوا عليه تداكّ الإبل على الماء ، فبايعهم على كتاب الله وسنّة نبيّه طائعين راغبين فلمّا بايعوه قام