فقال ( عليه السلام ) : يا بن عبّاس ، ما يريد عثمان إلاّ أن يجعلني جملاً ناضحاً بالغرب ، اَقبِل واَدبِر ! بعث إلىّ أن اَخرُج ، ثمّ بعث إلىّ أن أَقدِم ، ثمّ هو الآن يبعث إلىّ أن أخرج ! والله لقد دفعت عنه حتى خشيت أن أكون آثماً . ( 1 ) [ 532 ] - 42 - قال ابن أبي الحديد : وروى أبو جعفر أيضاً أنّ عليّاً ( عليه السلام ) كان في ماله بخيبر لمّا حصر عثمان ، فقدم المدينة والنّاس مجتمعون على طلحة ، وكان لطلحة في حصار عثمان أثر ، فلمّا قدم عليّ ( عليه السلام ) أتاه عثمان ، وقال له : أمّا بعد ; فإنّ لي حقّ الإسلام وحقّ الإخاء والقرابة و الصّهر ، ولو لم يكن من ذلك شئ وكنّا في جاهليّة ، لكان عاراً على بني عبد مناف أن يبتزّ بنو تيم أمرهم - يعنى طلحة - فقال له عليّ : أنا أكفيك ، فاذهب أنت . ثمّ خرج إلى المسجد فرأى أسامة بن زيد ، فتوكّأ على يده حتّى دخل دار طلحة وهي مملوءة من النّاس ، فقال له : يا طلحة ، ما هذا الأمر الّذي صنعت بعثمان ؟ فقال : يا أبا حسن ، أبعد أن مسّ الحزام الطُبيَيْن ! فانصرف عليّ ( عليه السلام ) حتّى أتى بيت المال ، فقال : افتحوه ، فلم يجدوا المفاتيح ، فكسر الباب ، وفرّق ما فيه على النّاس ; فانصرف النّاس من عند طلحة حتّى بقي وحده ، وسرّ عثمان بذلك ; وجاء طلحة فدخل على عثمان ، فقال : يا أمير المؤمنين ; إنّي أردت أمراً فحال الله بيني وبينه ، وقد جئتك تائباً ، فقال : والله ما جئت تائباً ولكن جئت مغلوباً ; والله حسيبك يا طلحة . ( 2 ) [ 533 ] - 43 - وقال أيضاً : قال أبو جعفر : ثمّ إنّ محاصري عثمان أشفقوا من وصول أجناد من الشّام والبصرة تمنعه فحالوا بين عثمان وبين النّاس ، ومنعوه كلّ شئ حتّى الماء ، فأرسل عثمان سرّاً إلى عليّ ( عليه السلام ) ، وإلى أزواج النّبيّ ( صلى الله عليه وآله ) إنّهم قد منعونا الماء ، فإن قدرتم أن ترسلوا إلينا ماء فافعلوا . فجاء عليّ ( عليه السلام ) في الغَلَس وأُمّ حبيبة بنت أبي سفيان ، فوقف عليّ ( عليه السلام ) على النّاس
1 . نهج البلاغة - تصحيح ابن أبي الحديد - الخطبة : 239 . 2 . شرح نهج البلاغة 2 : 147 .