خطيباً في النّاس فحمد الله وأثنى عليه وذكّرهم بأيّام الله ثمّ قال أيّها النّاس . . . ( 1 ) [ 536 ] - 46 - قال السيّد الرضىّ : ومن كلام له ( عليه السلام ) [ لمّا بويع في المدينة وفيها يخبر النّاس بعلمه بما تؤول إليه أحوالهم وفيها يقسمهم إلى أقسام ] ذمّتي بما أقول رهينة وأنا به زعيم . إنّ من صرّحت له العبر عمّا بين يديه من المثلات ، حجزته التّقوى عن تقحّم الشُبُهات ألا وإنّ بليّتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيّه ( صلى الله عليه وآله ) . والّذي بعثه بالحق لتبلبلنّ بَلبَلة ، ولتُغربلنّ غربلة ، ولتُساطُنّ سوط القِدْر ، حتّى يعود أسفلُكم أعلاكم ، وأعلاكم أسفلَكم ، و ليَسبقنّ سابقون كانوا قصّروا ، وليُقصّرنّ سبّاقون كانوا سبقوا . والله ما كتمت وَشمة ، ولا كذبت كذبة ، ولقد نُبّئت بهذا المقام وهذا اليوم ألا وإنّ الخطايا خيل شُمُس حُمل عليها أهلها ، وخُلعت لُجُمها ، فتقحّمت بهم في النّار . ألا وإنّ التّقوى مطايا ذُلُل ، حمل عليها أهلها ، وأعطوا أزمَّتها ، فأوردتهم الجنّة . حقّ وباطل ، ولكلّ أهل ، فلئن اَمِر الباطل لَقديما فَعَل ، ولئن قلّ الحقّ فلربّما ولعلّ ، ولقلّما أدبر شئ فأقبل ! شُغِل من الجنّة والنّار أَمامه ! ساع سريعٌ نجا ، وطالب بطىء رجا ، ومقصّر في النّار هوى . اليمين والشّمال مضَلّة ، والطّريق الوسطى هي الجادّة ، عليها باقي الكتاب وآثار النُبوّة ، ومنها منفذ السّنّة ، وإليها مصير العاقبة . هلك من ادّعى ، وخاب من افترى . من أبدى صفحته للحقّ هلك . وكفى بالمرء جهلاً ألاّ يَعرف قدره . لا يهلك على التّقوى سنخُ أصل ، ولا يَظمأ عليها زرع قوم . فاستتِروا في بيوتكم ، وأصلحوا ذات بينكم ، والتّوبة من ورائكم ، ولا يَحمد حامد إلاّ ربّه ، ولا يَلُم لائم إلاّ نفسه . ( 2 ) [ 537 ] - 47 - روى ابن أبي الحديد : عن الكلبيّ مرويّة مرفوعة إلى أبي صالح ، عن ابن عبّاس رضى الله عنهما : أنّ عليّاً ( عليه السلام ) خطب في اليوم الثّاني من بيعته بالمدينة ، فقال : ألا إنّ كلّ قطيعة أقطعها عثمان ، وكلّ مال أعطاه من مال الله ، فهو مردود في بيت المال : فإنّ الحقّ القديم لا
1 . اثبات الوصية : 145 والخطبة بعينها هي الخطبة الّتي نقلناها عن السيد الرضى مع تفاوت . 2 . نهج البلاغة باب الخطب .