فمن فارقه منهم حوسب فأوفى حقه ، ومن مضى منهم معه أعطاه كراءه وكساه . ( 1 ) كم رائع هذا العدل الحسيني مع الكراء ، وكم رائع أخذه لتلك الأموال التي هي أموال المسلمين ولكنها كانت على طريقها إلى الطاغوت الأموي ، فأرجعها سبط الرسول ( صلى الله عليه وآله ) إلى استحقاقاتها الشرعية مع الالتزام الكامل بالأخلاق الاسلامية . إنه لا يعترف بيزيد بن معاوية ، أليس الحسين ( عليه السلام ) هو الحاكم الإسلامي الحق ، وهو الأحق بالتصرف ؟ أجل هذه هي الثورية بلباس الإنصاف والعدل والورع ، ومن دون هذا اللباس فإنها فوضة وضلالة وليست ثورة حسينية . * الدروس المستفادة هنا : 1 - العمل الثوري في ظل الإمام العادل الواعي جائز . 2 - أموال المسلمين يعود إليهم وبتصرف الإمام الحق . E / في أخلاق السؤال والتفحص كم أنت مسلم أمرك إلى الله ؟ وإلى أي قدر تبحث في حياتك عن رضي الله ؟ كيف تحاول أن تستخبر الحقائق لتوظفها في سبيل الله ؟ وأخيرا ما هو الأدب الأخلاقي الواجبة رعايته في المحادثة مع الآخرين ؟ هذه الأسئلة يجيبك عليها الإمام الحسين ( عليه السلام ) في موقفه مع فرزدق الذي روي عنه أنه قال : حججت بأمي في سنة ستين ، فبينما أنا أسوق بعيرها حتى دخلت الحرم إذ لقيت الحسين ( عليه السلام ) خارجا من مكة ، معه أسيافه وأتراسه ، فقلت : لمن هذا القطار ؟ فقيل : للحسين بن علي ( عليهما السلام ) ، فأتيته وسلمت عليه ، وقلت له : أعطاك الله سؤلك وأملك فيما تحب ، بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله ، ما أعجلك عن الحج ؟ قال : " لو لم أعجل لأخذت " ، ثم قال لي : " من أنت " ؟
1 - تاريخ الطبري 3 : 296 ، الارشاد : 219 مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي 1 : 220 ، الكامل في التاريخ 2 : 547 ، اللهوف 30 ، مثير الأحزان : 42 ، بحار الأنوار 44 : 367 ، أعيان الشيعة 1 : 594 ، وقعة الطف : 157 مع اختلاف يسير في الألفاظ .