أليس الهدف من الإعجاز إقناع الناس بالحق الذي جاء به الأنبياء ؟ ! فإذا كان ما يدعو إليه الأئمة هو عين ما يدعو إليه الأنبياء ، فأي بعد في دعم هؤلاء بما دعم به أولئك ؟ ! من دون تقصير في حق أولئك ، ولا مغالاة في قدر هؤلاء ! ومهما كان فإن الحسين ( عليه السلام ) لما خرج من المدينة يريد مكة مر بابن مطيع ، وهو يحفر بئره ، وجرى بينهما حديث عن مسير الإمام ، وجاء في نهايته : قال ابن مطيع : إن بئري هذه قد رشحتها ، وهذا اليوم أوان ما خرج إلينا في الدلو شئ من الماء ، فلو دعوت الله لنا فيها بالبركة . قال ( عليه السلام ) : هات من مائها . فاتي من مائها في الدلو ، فشرب منه ، ثم تمضمض ، ثم رده في البئر ، فأعذب وأمهى . وهذا من الحسين ( عليه السلام ) أيضا غيض ، وهو معدن الكرم والفيض . إلا أن حديث الماء ، والحسين في طريقه إلى كربلاء ، فيه عبرة ، تستدر العبرة : فهل هي إشارات غيبية إلى أن الحسين سيواجه المنع من الماء ، وسيقتل " عطشا " وهو منبع البركة ، من فيض فمه يعذب الماء وينفجر ينبوعه ؟ ! ( 1 ) . * الدروس المستفادة هنا : 1 - مزج الأخلاق بالعقيدة ، أي قضاء الحاجة للمؤمن بالمعجزة . 2 - أهمية بيان الشخصية لتثبيت الحق وتكريس القيم الأخلاقية . E / في العدل والإنصاف في طريقه إلى كربلاء أقبل الحسين ( عليه السلام ) حتى مر بالتنعيم ، فلقى بها عيرا قد أقبل بها من اليمن ، بعث بها بحير بن ريسان الحميري إلى يزيد بن معاوية - وكان عامله على اليمن - وعلى العير الورس والحلل ينطلق بها إلى يزيد ، فأخذها الحسين ( عليه السلام ) فانطلق بها . ثم قال لأصحاب الإبل : " لا أكرهكم ، من أحب أن يمضي معنا إلى العراق أوفينا كراءه وأحسنا صحبته ، ومن أحب أن يفارقنا من مكاننا هذا أعطيناه من الكراء على قدر ما قطع من الأرض " .
1 - الحسين ( عليه السلام ) سماته وسيرته : ص 90 - 91 .