الأسود مرارا ، وصولا إلى أغراضهم السياسية المشؤومة ، فإن بإمكان الحسين ( عليه السلام ) أن يسلبهم إمكانية تلك الدناءة ، فلا يوفر لهم فرصة ذلك الإجرام ، ولا يجعل من نفسه ودمه موضعا لهذا الإقدام الذي يريده المجرمون ، فلا يتحقق بحضوره في الحرم للمجرمين أغراضهم الخبيثة ، بقتله وهتك حرمة الحرم ، وإن كان مظلوما على كل حال . وهذه هي الغاية في احترام الكعبة ، وحفظ حرمة الحرم . وقد صرح الإمام الحسين ( عليه السلام ) بهذه الغاية لابن عباس ، لما وقف أمام خروجه إلى العراق ، فقال : " لئن اقتل بمكان كذا وكذا ، أحب إلي من أن أستحل حرمتها " . وفي نص آخر : " . . . أحب إلي من أن يستحل بي ذلك " ( 1 ) . والنص الوارد في نقل الطبراني : " . . أحب إلي من أن يستحل بي حرم الله ورسوله " . وهذه مأثرة اختص بها أهل البيت ( عليهم السلام ) لابد أن يمجدها المسلمون ( 2 ) . * الدروس المستفادة هنا : 1 - حفظ حرمة المسجد الحرام حتى على حساب الضرر الشخصي . 2 - ترجيح القيم العبادية الثابتة على أية قضية فرعية . 3 - سلب مبررات الظلم في أماكن العبادة ، والعمل على منع حدوث ما يلوثها . 4 - تكريس الأمن في دور العبادة ، وعدم السماح للأمور السياسية بإفنائه . E / في قضاء الحاجة بالإعجاز والكرامة الإمامة - عندنا نحن الشيعة الإمامية - تشترك مع النبوة في كل شئ إلا أن النبوة تختص بالوحي المباشر ، وبالشريعة المستقلة ، أما النص ، والأهداف ، والوسائل ، والغايات ، فهما لا يفترقان في شئ من ذلك . بل الإمامة امتداد أرضي للرسالة السماوية ، فلا غرو أن يمد الله الإمام بما يمد النبي من القدرة على الخوارق التي لا يستطيعها البشر .
1 - مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور : 7 / 142 . 2 - الحسين ( عليه السلام ) سماته وسيرته : ص 93 .