ياسر « رحمه الله » قال : كنت أنا وعلي بن أبي طالب رفيقين في غزوة العشيرة من بطن ينبع ، فلما نزلها رسول الله ( ص ) أقام بها شهراً فصالح فيها بني مدلج وحلفاءهم من ضمرة فوادعهم ، فقال لي علي رضي الله عنه : هل لك يا أبا اليقظان أن نأتي هؤلاء ، نفر من بني مدلج يعملون في عين لهم ، فننظر كيف يعملون ؟ قال قلت : إن شئت ، فجئناهم فنظرنا إلى أعمالهم ثم غشينا النوم ، فانطلقت أنا وعلي حتى اضطجعنا في ظل صور من النخل فنمنا . فوالله ما أهبَّنا إلا رسول الله ( ص ) يحركنا برجله وقد تربنا من تلك الدقعاء التي نمنا عليها ، فيومئذ قال رسول الله ( ص ) لعلي : ما لك يا أبا تراب ! لما يرى عليه من التراب ، ثم قال : ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين ؟ قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : أحيمر ثمود الذي عقر الناقة ، والذي يضربك على هذه ووضع يده على قرنه ! حتى يبل منها هذه ، وأخذ بلحيته ) . انتهى . وهذا الحديث من معجزات النبي « صلى الله عليه وآله » ، لما فيه من إخبار عن المستقبل ، وقد اهتم به رواة بني أمية لأن فيه تسمية النبي « صلى الله عليه وآله » لعلي « عليه السلام » بأبي تراب ، وقد أعجب ذلك معاوية فرواه إلى هذه النقطة وبتر باقيه ، وروَّج اسم أبي تراب على أنه ذم لعلي « عليه السلام » ! وله مصادر عديدة بتر أكثرها نصه ! النسائي الكبرى : 5 / 153 ، وأحمد : 4 / 263 ، و 264 ، والحاكم : 3 / 140 ، ومجمع الزوائد : 9 / 136 ، تاريخ الطبري : 2 / 123 ، وتاريخ بخاري : 1 / 71 ، وتخريج الزيلعي : 1 / 465 ، وأحكام القرآن للجصاص : 3 / 538 ، وتاريخ دمشق : 42 / 549 ، وشواهد التنزيل : 2 / 441 ، بعدة روايات . وراجع الصحيح من السيرة : 4 / 337 . أقول : في تلك الغزوة أعطى النبي « صلى الله عليه وآله » لعلي سهمه أرضاً ، ففي تاريخ المدينة : 1 / 220 : ( أقطع النبي ( ص ) علياً بذي العشيرة من ينبع ) . وفي الكافي : 7 / 54 ، عن الإمام الصادق « عليه السلام » قال : ( قسَّم نبي الله « صلى الله عليه وآله » الفئ فأصاب علياً « عليه السلام » أرضاً فاحتفر فيها عيناً فخرج ماء ينبع في السماء كهيئة عنق البعير ،