والصفح والعفاف وهما منزلتان منزلة رضا ومنزلة سخط ، فمن عفا عفي عنه ، ومن عاقب لم يأمن من القصاص ، وبعد فإننا إخوانكم في دينكم وشركاؤكم في حظكم ، ونحن أهل قبلتكم لسنا بالترك ولا بالديلم ، وقد كان منا ما كان من أهل العراق وأهل الشام ، فاصفح إن قدرت ! قال : فكأن مصعب بن الزبير قد رق لهذا المتكلم وأصحابه وهمَّ بإطلاقهم ، فوثب أشراف العرب ! ( أي رؤساء قتلة الحسين « عليه السلام » ) فقالوا : أيها الأمير إن هؤلاء هم الذين قتلوا آبناءنا وإخواننا وبني أعمامنا ، وفي إطلاقهم فساد عليك في سلطانك وعلينا في أحسابنا ! قال : مصعب : فشأنكم إذاً بهم ! قال : فاتكوا عليهم بالسيوف فقتلوهم صبراً ، رحمة الله عليهم ) . وفي الطبري : 4 / 562 : ( ثم بعث مصعب برأس المختار إلى مكة إلى عبد الله بن الزبير ، فأمر عبد الله بن الزبير برأس المختار فنصب بالأبطح ، ثم أرسل إلى عبد الله بن عباس فقال : يا بن عباس إنه قد قتل الله الكذاب ، فقال ابن عباس : رحم الله المختار كان رجلاً محباً لنا عارفاً بحقنا ، وإنما خرج بسيفه طالباً بدمائنا ، وليس جزاؤه منا أن نسميه كذاباً ) . سبب انهيار جيش المختار ! أقول : حدث هذا الانهيار في جبهة المختار بشكل غير طبيعي ، كأن الله تعالى شاء أن يتخذ ألوف الشيعة الأبرار شهداء لأنهم ثاروا مع المختار صادقين طلباً بدم الحسين « عليه السلام » ! وكانت أهم أسباب انهيار قوتهم الطابور الأموي المعادي لهم من أهل الكوفة ، والسبب الثاني غياب القائد البطل إبراهيم بن مالك الأشتر لانشغاله بترتيب أوضاع الموصل وتوابعها ، بل لفتور حصل بينه وبين المختار ! قال الطبري : 4 / 560 : ( ودعا المختار رؤس الأرباع الذين كانوا مع ابن الأشتر