10 - عاش الإمام خمساً وثلاثين سنة بعد أبيه الحسين « صلى الله عليه وآله » كانت إقامته في المدينة ، وكان يسافر للحج ويَنْبُع ، والنجف والكوفة ، وكربلاء . وكان برنامجه اليومي في المدينة زيارة قبر جده المصطفى « صلى الله عليه وآله » والصلاة في مسجده ، وتحديث الناس بأحاديث النبي « صلى الله عليه وآله » وأهل بيته « عليهم السلام » ، وكان يلقي على الناس موعظة يوم الجمعة . وكان هذا البرنامج تحدياً للسلطة لأن سياستها فرض لعن علي « عليه السلام » ، ومنع التحديث عن النبي « صلى الله عليه وآله » ، ومنع الخطابة لغير الوالي والقصاصين الموظفين لنشر قصص أهل الكتاب اليهود والنصارى ! لكن السلطة كانت مجبرة على التحمل ، بسبب احترام الخليفة للإمام « عليه السلام » ولأن أهل المدينة قويت عينهم على السلطة بعد مجزرة وقعة الحرة ، وفي هذا الجو كان الإمام « عليه السلام » ينفذ برنامجه ويصدع بالحق . كان من برنامجه « عليه السلام » السفر للحج كل سنة تقريباً ، وكان يذهب أحياناً إلى ينبع ، فلهم هناك بيوت في بساتين الوقف التي أنشأها جده أمير المؤمنين « عليه السلام » وكان يتولاها ، وقيل إنه سافر إلى الشام بدعوة عبد الملك لحل مشكلة النقد والطراز مع الروم ، وسيأتي أن المرجح أنه أرسل ولده الإمام الباقر « عليه السلام » . سكن فترةً في بادية الحجاز من جهة العراق كانت أشد الظروف التي مرت على الإمام « عليه السلام » : كربلاء ، والأسر ، وأيام وقعة الحرة ، وفترة سيطرة ابن الزبير على المدينة بعد هلاك يزيد ! ولعل هذه الأخيرة كانت أشد الجميع لقسوة ابن الزبير وبغضه لعلي وعترة النبي « صلى الله عليه وآله » أكثر من بغض بني أمية وقسوتهم ، حتى أن ابن الزبير ترك ذكر