رأيت أشجع منه إنساناً قط ، ولا من العصابة التي كان فيهم ! ولقد رأيته يوم عين الوردة يقاتل قتالاً شديداً ما ظننت أن رجلاً واحداً يقدر أن يبلي مثل ما أبلى ، ولا يَنْكَأ في عدوه مثل ما نكأ ! لقد قتل رجالاً وسمعته يقول قبل أن يقتل وهو يقاتلهم : < شعر > قد علمتْ مَيَّالةُ الذوائب * واضحةَ اللبَّات والترائبِ * أني غداة الروع والتغاُلب * أشجعُ من ذي لبد مُواثب * قطَّاعُ أقرانٍ مخوفُ الجانب * ) . < / شعر > وفي تاريخ الطبري : 4 / 367 : ( قال لنا ابن وال : من أراد الحياة التي ليس بعدها موت والراحة التي ليس بعدها نصب ، والسرور الذي ليس بعده حزن ، فليتقرب إلى ربه بجهاد هؤلاء المحلين والرواح إلى الجنة رحمكم الله ، وذلك عند العصر ، فشد عليهم وشددنا معه فأصبنا والله منهم رجالاً وكشفناهم طويلاً ثم إنهم بعد ذلك تعطفوا علينا من كل جانب . . . وخرج عبد الله بن عزيز الكندي ومعه ابنه محمد غلام صغير فقال : يا أهل الشأم هل فيكم أحد من كندة ؟ فخرج إليهم منهم رجال فقالوا : نعم ، نحن هؤلاء ، فقال لهم : دونكم ابن أخيكم فابعثوا به إلى قومكم بالكوفة ، فأنا عبد الله بن عزيز الكندي . فقالوا له أنت ابن عمنا فإنك آمن ، فقال لهم : والله لا أرغب عن مصارع إخواني الذين كانوا للبلاد نوراً والأرض أوتاداً ، وبمثلهم كان الله يذكر ! قال : فأخذ ابنه يبكى في إثر أبيه ، فقال : يا بنيَّ لو أن شيئاً كان آثر عندي من طاعة ربي إذاً لكنتَ أنت ! وناشده قومه الشاميون لما رأوا من جزع ابنه وبكاءه في أثره ، وأروا الشاميون له ولابنه رقة شديدة حتى جزعوا وبكوا ! ثم اعتزل الجانب الذي خرج إليه منه قومه ، فشد على صفهم عند المساء فقاتل حتى قتل . . .