حدثني مسلم بن زحر الخولاني أن كريب بن زيد الحميري مشى إليهم عند المساء ، ومعه راية بلْقاء ، في جماعة قلما تنقص من مائة رجل إن نقصت ، وقد كانوا تحدثوا بما يريد رفاعة أن يصنع إذا أمسى ، فقال لهم الحميري : وجمع إليه رجالاً من حمير وهمدان فقال : عباد الله روحوا إلى ربكم ، والله ما في شئ من الدنيا خلف من رضاء الله والتوبة إليه ! إني قد بلغني أن طائفة منكم يريدون أن يرجعوا إلى ما خرجوا منه إلى دنياهم ، وإن هم ركنوا إلى دنياهم رجعوا إلى خطاياهم ! فأما أنا فوالله لا أولى هذا العدو ظهري حتى أرد موارد إخواني ! فأجابوه وقالوا : رأينا مثل رأيك ، ومضى برايته حتى دنا من القوم فقال ابن ذي الكلاع : والله إني لأرى هذه الراية حميرية أو همدانية ، فدنا منهم فسألهم فأخبروه فقال لهم : إنكم آمنون ، فقال له صاحبهم : إنا قد كنا آمنين في الدنيا ، وإنما خرجنا نطلب أمان الآخرة ! فقاتلوا القوم حتى قتلوا ) . وفي تاريخ الطبري : 4 / 471 : ( أعجب ما رأيت يوم عين الوردة بعد هلاك القوم أن رجلاً أقبل حتى شد عليَّ بسيفه فخرجنا نحوه قال فأنتهي إليه وقد عقر به وهو يقول : < شعر > إني من الله إلى الله أفرّ * رضوانك اللهم أُبدي وأُسرّ . < / شعر > قال فقلنا له : ممن أنت ؟ قال : من بني آدم ! قال فقلنا : ممن ؟ قال : لا أحب أن أعرفكم ولا أن تعرفوني يا مخربي البيت الحرام . . . وشد الناس عليه من كل جانب فقتلوه قال فوالله ما رأيت واحداً قط هو أشد منه ) . بقية التوابين الذين انسحبوا تاريخ الطبري : 4 / 370 : ( فلما أمسى الناس ورجع أهل الشام إلى معسكرهم ، نظر رفاعة ( قائدهم ) إلى كل رجل قد عقر به ، والى كل جريح لا يعين على نفسه فدفعه إلى قومه ، ثم سار بالناس ليلته كلها حتى أصبح بالتنينير فعبر