أن تمكن قريشاً من أذنك فتبول فيها . . . قد دعوتك وما أدري أستخلفك على الجيش أو أقدمك فأضرب عنقك ! فقال : أصلحك الله إجعلني سهماً فارم بي حيث شئت ! قال : إنك أعرابيٌّ جلفٌ جافٍ ، وإن هذا الحي من قريش لم يمكنهم رجل قط من أذنيه إلا غلبوه على رأيه ، فسر بهذا الجيش فإذا لقيت القوم فإياك أن تمكنهم من أذنيك ! لا يكون إلا الوقاف ثم الثقاف ثم الانصراف ( أي القتال بدون مفاوضة ) فمضى حُصَيْن بجيشه ذلك ، فلم يزل جيشه محاصراً أهل مكة ) . انتهى . ( فناوش ابن الزبير الحرب في الحرم ، ورماه بالنيران حتى أحرق الكعبة . وكان عبد الله بن عمير الليثي قاضي ابن الزبير إذا تواقف الفريقان قام على الكعبة فنادى بأعلى صوته : يا أهل الشأم ، هذا حرم الله الذي كان مأمناً في الجاهلية يأمن فيه الطير والصيد فاتقوا الله يا أهل الشأم ! فيصيح الشاميون : الطاعةَ الطاعة ، الكرَّةَ الكرة ، الرواحَ قبل المساء ! فلم يزل على ذلك حتى أحرقت الكعبة ! فقال أصحاب ابن الزبير : نطفئ النار فمنعهم وأراد أن يغضب الناس للكعبة ! فقال بعض أهل الشأم : إن الحرمة والطاعة اجتمعتا فغلبت الطاعة الحرمة . وكان حريق الكعبة في سنة 63 ) . ( اليعقوبي : 2 / 251 ) . وبعد أيام أخرى وصلت إليهم بشرى أكبر ، بأن الطاغية الأكبر يزيد بن معاوية قد هلك إلى الهاوية . فتبسمت مدينة الرسول الجريحة ! ففي تاريخ الطبري : 4 / 385 ، وبعضه اليعقوبي : 2 / 253 : ( بينا حصين بن نمير يقاتل ابن الزبير ، إذ جاء موت يزيد فصاح بهم ابن الزبير فقال : إن طاغيتكم قد هلك ! فمن شاء منكم أن يدخل فيما دخل فيه الناس فليفعل ، فمن كره فليلحق بشأمه . . . فبعث الحصين بن نمير على عبد الله بن الزبير فقال : موعد ما بيننا وبينك الليلة الأبطح ، فالتقيا فقال له الحصين : إن يك هذا الرجل قد هلك ،