بفكر العقيدة ، برفرفات الروح ، فلا فاصلة بين النظرية والتطبيق والقول والعمل ! أنظر إلى جدلية الكلمات في عالم فكره حيث يقول في دعائه عند الصباح والمساء : الحمد لله الذي خلق الليل والنهار بقوته ، وميَّز بينهما بقدرته ، وجعل لكل واحد منهما حداً محدوداً ، وأمداً ممدوداً ، يولج كل واحد منهما في صاحبه ، ويولج صاحبه فيه ، بتقدير منه للعباد فيما يغذوهم به وينشؤهم عليه ، فخلق لهم الليل ليسكنوا فيه من حركات التعب ونهضات النصب ، وجعله لباساً ليلبسوا من راحته ومنامه ، فيكون ذلك لهم جماماً وقوة ، ولينالوا به لذة وشهوة ، وخلق لهم النهار مبصراً ليبتغوا فيه من فضله ، وليتسببوا إلى رزقه ويسرحوا في أرضه ، طلباً لما فيه نيل العاجل من دنياهم ، ودرك الآجل في أخراهم ، بكل ذلك يصلح شانهم ، ويبلو أخبارهم ، وينظر كيف هم في أوقات طاعته ومنازل فروضه ومواقع أحكامه ، لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ) . ( الصحيفة السجادية / الدعاء السادس ) أرأيت الخلق بالقوة ، والتمييز بالقدرة ، والحدَّ والأمد ، وتناوب التمدد بين الليل والنهار ، والفرق بين التغذية والتنشئة ، وبين الحركات والنهضات ، والتعب والنصب . . والريشة التي تفتح أبواب فكرك على الوجود ، وروحك على الخالق وتملأ حياتك بالحياة ، فيما لا يتسع المجال لدراسة فقرة منه ؟ ! وانظر إلى إظهاره المساحة الكامنة بين الكلمات كما بين الغربة والوحشة ، حيث يقول : ( فقد الأحبة غربة ) . ( تاريخ دمشق : 41 / 409 ) . ويقول : ( لو مات من بين المشرق والمغرب ما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي ) . ( الكافي : 2 / 602 ) . ومسؤولية الكلمة عند الإمام « عليه السلام » كبيرة كجمالها : ( لا يزال العبد المؤمن يكتب محسناً ما دام ساكتاً ، فإذا تكلم كتب محسناً أو مسيئاً ) . ( ثواب الأعمال / 164 ) .