الصحيفة السجادية زبور آل محمد « صلى الله عليه وآله » الصحيفة السجادية . . كتابٌ لم يعرفه الناس ، تَبْهُرُك فيه قدرة معماره على بناء العبارة العربية ، فهو أقدر من المؤلف البليغ الممسك باللغة وتراكيبها ! تجد مفردات العربية تدور فيه كالنجوم أفعالاً وأسماءً وحروفاً وَصِغَ تعبير ، تعرض نفسها على أنامل فكر الإمام « عليه السلام » ليجعلها آجرَّةً في أحد صروحه ، أو لُحمةً في إحدى لوحاته . الكلمة عند الإمام « عليه السلام » موجود حيويٌّ . . بنفسها ، ينتقيها من أسفاط اللغة ، كما ينتقي الخبير جواهره ، فيصوغها ويصوغ بها . وموجود حيويٌّ بمحيطها ، الذي يضعها فيه الإمام فتُحْييه ويُحْييها ، وبخيوط ارتباطها التي يبتكرها الإمام في حروف التعدية فيشد بها الأفعال والأسماء والحروف . فتتقابل الكلمات والفقرات وتتناغم وتضئ ، في جدلية خاصة غنية . والفكرة عنده « عليه السلام » روحٌ تنبض في الكلمة وتنبض بها ، تجئ قادمةً من أفق أعلى ، غنيٍّ غزير ، ينساب في الروح ، ويلذُّ للعقل ، ويناغي أوتار النفس . من أفقٌ جمالي عالٍ ، ينحدر كلام الإمام « عليه السلام » ، أروعَ من عقد الجوهر ، وأجمل من نظيم الورد ، معانيَ ونسيماً ، جائيةً من معدن أعلى ومنبع أغنى . جمالٌ تُفيضه روحٌ عُلْوية لا ترى في الوجود إلا جميلاً ! لأن له رباَ جميلاً لا يصدر عنه إلا الجميل ، فالإمام يرى الأشياء من جماله وكماله ، ولا يرى ما يعكر ذلك حتى خطايا الإنسان ، وحتى القوانين والمقادير . صفاءٌ في الذهن ، ونقاءٌ في الفكر ، وشفافيةٌ في الروح . . كوَّنت شخصية الإمام زين العابدين « عليه السلام » وعاش بها بصدقٍ ، فاتَّحَدَ في شخصيته نمط السلوك