قبل أن يهاجروا إلى المدينة ، ويلقون من المشركين أذى شديداً فيشكون ذلك إلى رسول الله ( ص ) ويقولون : إئذن لنا في قتالهم ، ويقول لهم رسول الله ( ص ) : كفُّوا أيديكم فإني لم أؤمر بقتالهم ، واشتغلوا بإقامة دينكم من الصلاة والزكاة ، فلما هاجر رسول الله إلى المدينة وأمروا بقتالهم في وقعة بدر كرهه بعضهم ، فأنزل الله هذه الآية . . . الثاني : أن الآية نازلة في حق المنافقين ، واحتج الذاهبون إلى هذا القول بأن الآية مشتملة على أمور تدل على أنها مختصة بالمنافقين . . . والأولى حمل الآية على المنافقين ، لأنه تعالى ذكر بعد هذه الآية قوله : وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ . ( النساء : 78 ) . ولا شك أن من هذا كلام المنافقين . . . فالمعطوف في المنافقين وجب أن يكون المعطوف عليهم فيهم أيضاً ) . انتهى . وقد روى الحاكم : 2 / 66 ، تفسيرها بابن عوف وأصحاب له ، وصححه على شرط بخاري . وكذا النسائي : 6 / 3 ، والبيهقي : 9 / 11 . أقول : عندما فاتت المسلمين قافلة أبي سفيان التجارية ، وبلغ النبي « صلى الله عليه وآله » أن قريشاً جاءت لحربه ، استشار أصحابه هل يواصل الطريق لمواجهة قريش ؟ فأشار عدد منهم بالرجوع لأن قريشاً بزعمهم ما ذلَّت منذ عزَّت ! ولم يكن المقداد « رحمه الله » من هؤلاء ، فقد نقل بخاري قوله للنبي « صلى الله عليه وآله » : ( يا رسول الله إنا لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى : فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ، ولكن امض ونحن معك ! فكأنه سُرِّيَ عن رسول الله ) . ( بخاري : 5 / 187 ) . ومعناه أن النبي « صلى الله عليه وآله » كان غاضباً من غيره ، وهم المنافقون أهل آية : كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ ! شاهدنا من ذلك أن النبي « صلى الله عليه وآله » يعمل بخطة ربه فيأمر بكف اليد في موضعه ولا يخضع للمتحفزين ، ويأمر بالقتال في موضعه ولا يخضع للمثبطين ، وكذا