4 - أهداف المعصومين « عليهم السلام » عاليةٌ وبعيدة النظر أما بالنسبة إلى المعصومين ، النبي « صلى الله عليه وآله » والأئمة « عليهم السلام » ، فالأمر فيهم يختلف ، لأنهم يعملون بفقه أعمق ، وحسب خريطة ربانية ، وبرنامجهم يتفق مع أحكام الشريعة كما نفهمها نحن ، لكنه أحياناً يختلف عما نفهم ! في عمل النبي « صلى الله عليه وآله » والمعصوم « عليه السلام » لا بد أن نعرف مقاصد الله تعالى وخطته لمستقبل الإسلام والبشرية ، وقد قال تعالى : أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ، فعلم الله رسوله « صلى الله عليه وآله » تكوين الأمة شبيهاً بإنشاء سفينة ، وإطلاقها في بحر شعوب العالم ومجرى التاريخ . وقد أمره ربه أن يبلِّغ الناس أن رُبَّان هذه السفينة بعده هم أهل بيته « عليهم السلام » الذين اصطفاهم ربهم وطهرهم وأورثهم الكتاب ، لكن إن لم يقبلوا بهم فلا يجبرهم ، فليكن الربان من يكون حتى يبلغ الله أمره ، ويبعث للناس مهدي الموعود « عج الله تعالي فرجه الشريف » ! إن المعصوم « عليه السلام » يفهم وجه الحُكم بأوسع وأعمق مما نفهمه نحن ، فكيف يصح أن نحكم على عمله وهدفه بفهمنا الناقص ؟ ! مع أن عمله موجَّهٌ من ربه ، فهو من نوع عمل صاحب مشروعه عز وجل ، وهو عملٌ بلغ أقصى درجات الإعجاز والإتقان كما نرى في هذا الكون الوسيع ! فإذا كان من الغباء أن نُبَسِّط عمل الله في الطبيعة ونسَطِّح فيزياءه وقوانينه ، فمن الغباء الأكبر أن نسطح أعمال الأنبياء والأئمة « عليهم السلام » ، وهو بقوانين أعمق من قوانين الطبيعة بكثير ، وإن لم نفهما بعدُ ! مثلاً : في الثلاث عشرة سنة التي قضاها النبي « صلى الله عليه وآله » في مكة ، مرَّت عليه فُرَصٌ ذهبية ، كان بإمكانه فيها أن يقاتل المشركين ويرفع الظلم عنه وعن المؤمنين ،