نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي جلد : 1 صفحه : 29
وآل سنان يحكمون في بلادهم في جماعتهم على عادتهم ، بل ومن دعى من أهل السنة إليهم . أمر الحبس راجع إليهم ، والأعوان تختص بهم . والإسجالات تثبت عليهم ، والسراج يستعين بأعوانهم وحبسهم . ودام نيفاً على أربعين سنة ، إلى أن سافر بحراً للتداوي . فمات قبل وصوله لمصر سنة ست وعشرين وسبعمائة . فاستقر في القضاء بعده من كان نائبه في الوظائف ، وهو العلم يعقوب بن جمال القرشي الهاشمي المقري . فكان يشدد في الأحكام ، سيما على الخدام . فإنه منعهم من الشمع والدراهم ، وغير ذلك مما يجمعونه في صندوق النذور أيام الموسم . قائلاً لهم : إن هذا يجري في مصالح الحرم . فلا يجوز لكم قسمته بينكم ، وما هو محق فيه . فتضايقوا من ذلك وعز عليهم . فغلبهم عليه ولم يصرف لهم منه شيئاً . وأما الخطابة والإمامة : فاستقر فيهما - بعد السراج - البهاء بن سلامة المصري . فأقام فيهما سنتين . ثم استعفى ، لكونه لم ير نفسه أهلاً لما شطره الواقف من معرفة الفرائض والقراءات . فاستقر بعده فيهما : الشرف أبو الفتح محمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم العثماني اللخمي الأميوطي . ثم أضيف إليه القضاء بعد ابن جماز . فشدد على الأشراف وسقاهم المر ، وأذاقهم الصبر وسطا على الإمامية ، ووبهم في المحافل ، وسبهم على المنبر ، بحيث نزل مرة من المنبر لضرب واحد منهم تنفل كهيئة الظهر ، وأبطل صلاة ليلة نصف شعبان المبتدعة ، مع بدع كثيرة ، وأيد السنة ، ومع ذلك فلم ينهض لرفع أحكام الإمامية . واستناب صهره البدر حسن الآتي ، والفقيه أحمد الخراساني الفاسي ، ثم أبو العباس أحمد التادلي ، ثم عزله واستناب الجمال المطري في جميع الوظائف وفي الإمامة والخطابة - حين غيبته بالقاهرة سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة - المقري إبراهيم بن سعود السروري ، ودام الشرف في القضاء سبع عشر سنة ، ومات سنة خمس وأربعين ، فولي الثلاثة بعده : الثقي عبد الرحمن بن عبد المؤمن الهوريني ، وقدمها في ذي الحجة ، ولحسن سياسة نائبه - البدر عبد الله بن محمد بن فرحون - أعرض الناس عن قضاة الإمامية واعتزلوهم ، ووقع التشديد عليهم في نكاح المنعة ، والتنكيل بفاعلها وعزز من تكلم في الصحابة ، وأخمدت البدعة وأظهرت السنة . ثم سافر الهوريني مع الركب من السنة التي تليها ليداوي بصره أيضاً ، فصرف عن الثلاثة بعمر بن الصدر المتوفي سنة خمسين ، ثم عيد عن قرب ، قاله شيخنا ، والأشبه : أن عزله إنما كان بصهر الشرف الأميوطي ، البدر حسن بن أحمد القيسي . وقدم المدينة في ذي الحجة سنة ثمان وأربعين ، ورام اقتفاء صهره في التشديد على
29
نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي جلد : 1 صفحه : 29