والإشارة إلى بعض آثارها بحيث يجمع جميع الأحاديث ويكون معيارا لتمييز الحق من الإفراط والتفريط هو ما رواه في الكافي وفي رياض الجنان ، واللفظ عن رياض الجنان ، بإسناده عن محمد بن سنان قال : كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السّلام فذكرت اختلاف الشيعة ، فقال : إن الله لم يزل فردا متفردا في الوحدانية ، ثم خلق محمدا وعليا وفاطمة عليهم السّلام فمكثوا ألف دهر ، ثم خلق الأشياء إليهم في الحكم والتعرّف والإرشاد والأمر والنهي في الخلق ، لأنهم الولاة ، فلهم الأمر والولاية والهداية ، فهم أبوابه ونوّابه وحجّابه يحللون ما شاؤوا ويحرمون ما شاؤوا ولا يفعلون إلا ما شاء ، عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، فهذه الديانة التي من لزمها لحق ومن تقدمها غرق في بحر الإغراق ، ومن نقّصهم عن هذه المراتب التي رتّبهم الله فيها زهق في برّ التفريط ولم يعرف آل محمد حقهم فيما يجب على المؤمن من معرفتهم . ثم قال : خذها إليك يا محمد فإنها من مخزون العلم ومكنونه . أقول : المراد من اختلاف الشيعة أي في معرفة الأئمة وأحوالهم وصفاتهم ودرجاتهم عند الله تعالى ، والدهر يطلق على الزمان الطويل ، وقيل : يطلق على ألف سنة ، وقيل : يطلق على عمر الدنيا بآخرها . وقوله عليه السّلام : وأشهدهم خلقها ، أي أمر خلقها كان بحضرتهم وعلمهم بحيث صاروا مطلعين على أطوار الخلق وأسراره ، فلهذا صاروا مستحقين للإمامة الكبرى ، ومتقدمين على ساير الخلق ، وذلك لعلمهم الكامل النافذ في الأشياء وبالشرايع والأحكام وعلل الخلق وأسرار الغيوب . وهذا لا ينافي قوله تعالى : ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض 18 : 51 [1] بل يؤيده ويدل عليه ، بيانه : أن الضمير في ما أشهدتهم راجع إلى المشركين وإلى الشيطان وذريته بدليل قوله تعالى سابقا عليه : أفتتخذونه وذريته أولياء من