ولعلّ الوجه فيه أنه لو حدث بها فإما ينكره الجاهل بمعناه فهو على حدّ الكفر كما تقدم ، أو يحمله على الغلو لقصوره فهمه . ثم إن نسبة الغلو إليهم عليهم السّلام تكون على حدّ طرفي الإفراط والتفريط فمنهم من فرّط وقال : حذرا من الغلو عنهم إنهم عليهم السّلام لا يعرفون كثيرا من الأحكام الدينية ، حتى ينكت في قلوبهم ، أو منهم من قال : إنهم كانوا يلجأون في حكم الشريعة إلى الرأي والظنون ومنهم من أنكر جواز صدور المعجزة منهم عليهم السّلام ونفى سماعهم كلام الملائكة ولو بدون رؤيتهم ومنهم من أنكر تفضيلهم على غير النبي صلَّى الله عليه وآله من سائر الأنبياء ، وكذا الملائكة حتى أنه قال بعضهم : بتفضيل جبرئيل وميكائيل عليهما السّلام وأولو العزم من النبيين عليهم السّلام عليهم بل قال بعضهم : بتفضيل ساير الأنبياء عليهم حتى أن بعضهم عدّ من الغلو نفي السهو عنهم أو القول : إنهم يعلمون ما كان وما يكون إلى يوم القيمة ، بل ومن السفهاء منهم من يتعجب من أن الإمام عليه السّلام كيف يتكلم بالفارسية أو أخبر أحدا باسمه ؟ هذا مع إنا نرى صدور أكثر من هذا ممن لا يكونون من العلماء ، بل هم من أهل العقائد الفاسدة فتظهر منهم أمور غريبة كما عن بعض مرتاضي الهند . ولعمري إنّ هذا الأمر مما يوجب الحزن والأسف ، كيف أصبح الأئمة عليهم السّلام غرباء الأحوال في الناس بل عند كثير من شيعتهم ؟ فعن الصفار في بصائر الدرجات بسند صحيح عن زرارة قال : دخلت على أبي جعفر عليه السّلام فسألني : ما عندك من أحاديث الشيعة ؟ قلت : إن عندي منها كثيرا قد هممت أن أوقد لها نارا ثم أحرقها ، قال عليه السّلام : ولم ؟ هات ما أنكرت منها ، فخطر على بالي الأمور فقال لي : ما كان علم الملائكة حيث قالوا : أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء 2 : 30 ؟ فلو كان زرارة كذلك في عدم تعقله معنى تلك الأحاديث ، فما ظنك بالبعداء منهم ؟ ولذا قال شيخنا العلامة في المحكي عنه من البحار : الظاهر أن زرارة كان