المحجوبين الأسراء لظلمة النفس ، فإنهم لا يبصرون الحقّ ومعاشرتهم تؤثر في ظلمة القلب . فهؤلاء تراهم بالفطرة الناقصة إما يردّون تلك الأحاديث ، أو يؤولونها على آرائهم الفاسدة ، هذا خصوصا مع خفاء أهل الحقّ غالبا ، فلا يمكنهم إظهار المعارف تقية من المخالفين ، فلا تنتشر تلك الحقائق بل تبقى في خفائها عند أهلها . وكيف كان فأغلب الناس لا يقدرون على فهم الأحاديث ودركها لقصورهم فلا محالة يكونون محرومين منها . ففي المحكي عن الخرائج بإسناده عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : أتى الحسين عليه السّلام رجل فقال : حدثني بفضلكم الذي جعل الله لكم ، فقال : إنك لا تطيق حمله ، قال : بلى حدثني يا بن رسول الله إني أحتمله ، فحدثه بحديث فما فرغ الحسين عليه السّلام من حديثه حتى ابيض رأس الرجل ولحيته وأنسى الحديث . فقال الحسين عليه السّلام : أدركته رحمة الله حيث أنسي الحديث . وفي رواية أخرى : أنّ ثلاثة رجال جاؤوا إليه وسألوه ذلك ، فلما حدّث أحدا منهم قام طائر العقل ومرّ على وجهه ، وذهب وكلَّمه صاحباه فلم يرد عليهما شيئا . وعن كتاب منهج التحقيق عن ابن أبي عمير ، عن المفضل قال : قال الصادق عليه السّلام : لو أذن لنا أن نعلم الناس حالنا عند الله ومنزلتنا عنده لما احتملوا ، الخبر . ونظائرها كثيرة ولأجل هذه الجهة نهوا عليهم السّلام بعض الصحابة عن إذاعة الأحاديث . فعن جابر بن يزيد الجعفي [1] قال : حدثني أبو جعفر عليه السّلام خمسين ألف حديث ما حدثت بها أحدا ، وقال عليه السّلام : إن حدثت بها أحدا ، فعليك لعنتي ولعنة آبائي إلى يوم القيامة .