مراتب الموجودات ، كما هو مفاد قول : لا حول ولا قوة إلا با لله العليّ العظيم ، فكلّ فرد له التصرف في الممكنات حسب ما أعطي من القدرة قلة وكثرة ، نعم ربما يتوهم أنه كيف يجوز إسناد التصرفات العجيبة إليهم عليهم السّلام فهل هذا إلا الشرك با لله تعالى ؟ والحاصل : أن إثبات الولاية التكوينية بما لها من السعة والأهمية لهم عليهم السّلام إن كانت بنحو الاشتراك في العلة فهو شرك أو الاستقلال فهو الكفر ، لأن ذلك يرجع إلى القول بإلهيتهم والغلو فيهم وكلاهما باطل . ولكن تدفعه أنه بعد ما ثبت في محلَّه أنه لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين ، فلو قلنا بالجبر فيلزم منه نفي الاختيار ولازمه إبطال الشرايع ، وهو كما ترى . فمعنى نفي الجبر هو أن للعبد اختيارا في الفعل ، ولو قلنا بالتفويض فلازمه تعطيل الحقّ تعالى عن الفعل والخلق والأمر وهو باطل ، لأن هذا قول اليهود حيث قالوا : . . يد الله مغلولة 5 : 64 فردّ الله عليهم بقوله : غلَّت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان 5 : 64 [1] وحينئذ معنى نفي التفويض أن للحق تعالى دخلا وتأثيرا بإعمال قدرته تعالى في أفعال العباد المبين بقوله عليه السّلام : هو المالك لما ملكهم والقادر على ما أقدرهم ، الحديث . فتحصل أن لكلّ فعل في عين استناده إلى العبد وإلى اختياره بالضرورة والوجدان فهو مستند أيضا إليه تعالى ولهذين الاستنادين توضيح يذكر في محلَّه . وحاصله : فلو قلنا : إنّ العبد مستقل بالفعل فهو كفر وغلو ، وإن قلنا : إنه شريك مع الباري في التأثير بالنسبة فهو شرك ، أو أنه لا تأثير له في الفعل فهو الجبر الذي قد علمت بطلانه ، فحينئذ يكون الفعل مستندا إلى العبد وهو مع فعله واختياره واستناده يكون متعلقا لمشيته وقدرته وإرادته واختياره تعالى ، فالعبد باختياره يفعل أي يعمل القدرة فيما ملكه الله تعالى فيوجد الفعل ، وكلّ هذا في حال مملوكية