ذلك مما يعجز عنه غيره ، الحديث بطوله . أقول : هذه الأحاديث المتضافرة دلت على ثبوت الولاية التكوينية ، التي من آثارها الولاية التشريعية لهم عليهم السّلام وإمعان النظر فيها مع كثرتها تعطي اليقين بثبوت هذه المنزلة الرفيعة لهم ، والتصرف منهم في عالم الوجود . وهنا بيان آخر في معنى الولاية ، وحاصله : أنّ الولاية التكوينية الثابتة بالوجدان للنبيّ والأئمة عليهم السّلام من الأحاديث والآيات السابقة هو أنه تعالى لما كان ذاته المقدسة علم كله وقدرة كله ونور كله كما في توحيد الصدوق [1] ، بإسناده عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : لم يزل الله جل وعز ربنا ، والعلم ذاته ولا معلوم ، والسمع ذاته ولا مسموع ، والبصر ذاته ولا مبصر ، والقدرة ذاته ولا مقدور ، فلما أحدث الأشياء وكان المعلوم وقع العلم على المعلوم ، والسمع على المسموع ، والبصر على المبصر والقدرة على المقدور . وأراد أن يخلق الخلق لكي يعرف ، فخلق الخلق كلَّهم مظاهر لعلمه وقدرته ونوره ، أي وجوده ، فجميع ما في الوجود مظاهر لصفاته وأفعاله ، فالموجودات لها مراتب مختلفة في اتصافها بالمظهريّة حسب اختلافها في القرب إليه تعالى والبعد عنه تعالى ، فكلّ موجود كان أقرب إليه تعالى كان أكثر مظهرا لصفاته وأفعاله تعالى . ومن المعلوم أن المستفاد من الآيات والأحاديث المتقدمة ، وسيأتي أكثرها أيضا في الشرح هو : أن أول الموجودات قربا حدوثا وبقاء بالنسبة إليه تعالى هو أرواح محمد وآله الطاهرين الأئمة المعصومين ( عليه وعليهم السلام ) . فلذا هم المظاهر الأتمّ لصفاته وأفعاله تعالى ، فكلّ موجود كان أتمّ وأكمل في المظهرية فهو أكبر من كونه آية وعلامة ودليلا عليه تعالى ، وحيث لا أقرب إليه تعالى ولا أتم في المظهرية منهم عليهم السّلام فهم الآية الكبرى . ولذا قال النبيّ صلَّى الله عليه وآله والوصيّ عليه السّلام : " ما لله آية أكبر مني " وجهة كونهم أتم