علمت من الأخبار السابقة الواردة في أن حديثهم عليهم السّلام صعب مستصعب ، أن تلك الأحاديث تشير إلى حقيقة ولايتهم التي منحها الله تعالى إياهم . وهي من غوامض معارفهم ، فأصل حقيقتها لم يحتملها أحد بل هي أمر مخصوص بهم ، وربما منحوا بعض أوليائهم بعض شؤونها كما علمت من حديثي أبي الصامت . إذن : فأصل الولاية لم تظهر حقيقتها لأحد . وأما ما سمعت من التعاريف لها فهي التي عرفها كلّ منهم على حسب دركه ، وإلا فحقيقتها بعد مبهمة علينا ، والوجه في ذلك عدم قابليتنا لدركها كما أشير إليه في حديث جابر المتقدم عن البصائر حيث قال عليه السّلام : " يا جابر ما سترنا عنكم أكثر مما أظهرنا لكم " . وفي حديث مفضل في البصائر قوله عليه السّلام : " فأحسن الحديث حديثنا ، لا يحتمل أحد من الخلائق أمره بكماله حتى يحده ، لأنه من حدّ شيئا فهو أكبر منه " وقد تقدم شرحه . ونظيره قوله عليه السّلام في حديث مرازم عن التوحيد من قوله عليه السّلام ثم قال : " لو أجبتك فيه لكفرت " أي لعدم إمكان الدرك فيوجب الكفر ، كما لا يخفى . ولذا ترى الأئمة عليهم السّلام إنما بينوا ولايتهم المطلقة التكوينية ببيان آثارها إما علما أو عملا : - أما الأول : فكالأحاديث الواردة في بيان شؤون ولايتهم بالسنة وهي مختلفة ، التي منها الزيارة الجامعة والتي نحن بصدد شرحها إن شاء الله تعالى . - وأما الثاني : فكالمعجزات التي صدرت عنهم ، فإنها تحكي حقيقة ولايتهم التكوينية وهي أكثر من أن تحصى ، وقد ذكر كثيرا منها السيد السند السيد هاشم البحراني ( رضوان الله تعالى عليه ) في كتاب مدينة المعاجز فليراجع . بل وشأن القرآن الكريم أيضا هكذا ، فإنه سبحانه يبين فيه غالبا ولاية أوليائه بأفعالهم الغريبة التي أقدرهم الله عليها ، ونحن نذكر شطرا من كلّ منهما ليتضح الحال بأحسن المقال في صورة المثال . فنقول :