مقرّب ، أو نبي مرسل ، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان ، فقال : إن في الملائكة مقربين وغير مقربين ، ومن الأنبياء مرسلين وغير مرسلين ، ومن المؤمنين ممتحنين وغير ممتحنين ، فعرض أمركم هذا على الملائكة فلم يقرّ به إلا المقرّبون ، وعرض على الأنبياء فلم يقرّ به إلا المرسلون ، وعرض على المؤمنين فلم يقرّ به إلا الممتحنون . فلعل المراد به الإقرار التام الذي يكون عن معرفة تامة بعلوّ قدرهم وغرائب شأنهم ، فلا ينافي ولا يقدح عدم إقرار بعض الملائكة والأنبياء هذا النوع من الإقرار عصمتهم وطهارتهم ، وكذا القول في خبر أبي بصير عن الصادق عليه السّلام حيث قال عليه السّلام : يا أبا محمد إنّ عندنا والله سرّا ، الحديث . وقال رحمه الله في شرح هذا الحديث الشريف ما حاصله : إنّ قوله : فلم نجد له موضعا ولا أهلا ولا حمّالة يحتملونه . . . إلخ ، المراد منه إما أنه لم نجد موضعا حين أردنا تبليغه ، أو لم نجد موضعا قابلا أو أهلا أي مستعدا بالفعل للقبول ، ولا حمّالة أي لا أقل لا نجد من حمل ألفاظنا ، ليكون مصداقا لقوله صلَّى الله عليه وآله : فربّ حامل فقه ، غير فقيه وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه . وقيل : هذا الكلام إخبار عما وقع متصلا بوفاة رسول الله صلَّى الله عليه وآله من انحراف جميع الناس عن الحق إلى الباطل إلا نادرا كالمعدوم . وقوله عليه السّلام : إنّ الله خلق أقواما ، عبارة عن الشيعة الذين آمنوا بأهل البيت عليهم السّلام بعد قتل عثمان وكثروا ، ومعاني باقي ألفاظ الحديث ظاهر بالتأمّل القليل ، والله الهادي إلى الصواب . هذا ما ذكره الشارحون لهذه الأحاديث في الجملة ، ولكن لم يؤدّوا حقّه كما هو حقّه . أقول : أوّلا نرجو منه سبحانه أن يهدينا إلى الحقّ من المقال في تحقيق الحال فنقول وعليه التوكل : فاعلم أنّ المستفاد منها أمور لا بدّ من ذكرها .